· لا شك في أن الأيام القليلة المقبلة تعتبر بمثابة آخر فرصة أمام إسرائيل كي تكبح، أو على الأقل تخفف من حدة تدهور مكانتها السياسية. وما يمكن ملاحظته هو أن هذا التدهور يتم في موازاة تعزز مكانة السلطة الفلسطينية في العالم بأسره، بالتدريج، وذلك منذ رحيل الرئيس السابق لهذه السلطة ياسر عرفات وتخليها عن "الإرهاب". ونتيجة ذلك، فإن مطلبها الداعي إلى إقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 بات يحظى بدعم دول العالم كافة تقريباً، ويبدو أنه سينال تأييداً عالمياً جارفاً في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستُعقد في أيلول/ سبتمبر المقبل.
· في المقابل فإن الجهود التي بذلتها إسرائيل من أجل إقناع العالم بخفض مستوى تأييده للسلطة الفلسطينية وخطواتها، وخصوصاً في إثر توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" من دون أن تقبل هذه الأخيرة شروط الرباعية الدولية، باءت بالفشل.
· إن القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية، والمتمثلة في رئيسها محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض، هي الأفضل بالنسبة إلى إسرائيل منذ إنشاء هذه السلطة، لأنها قيادة مسؤولة ومؤيدة للتسوية السياسية [مع إسرائيل]، فضلاً عن أنها تعمل على مكافحة "الإرهاب"، وعلى تثبيت أركان نظام سليم، وعلى اتباع سياسة اقتصادية سليمة. ومع ذلك فإن هذه السلطة ملزمة أن تصغي إلى المطالب السياسية التي يتبناها الجمهور الفلسطيني العريض وإلاّ فإنها ستكون عرضة للسقوط، وبناء على ذلك فإنها تتخذ أحياناً مواقف تبدو متطرفة في نظر إسرائيل، ومنها مثلاً إعادة طرح موضوع حق العودة بقوة كبيرة من خلال الإصرار على تطبيقه، علماً بأن أي فلسطيني يدرك في قرارة نفسه أنه لا يمكن تطبيقه فعلياً.
· ولا بد من القول إن حجة عدم وجود شريك فلسطيني في عملية السلام التي تتذرّع بها إسرائيل في الآونة الأخيرة هي حجة غير صحيحة لأن السلطة الفلسطينية الحالية يمكن اعتبارها شريكاً في السلام، وثمة موضوعات يمكن التفاوض معها بشأنها. وإذا لم تبادر إسرائيل فوراً إلى طرح خطة سياسية تسفر عن استئناف المفاوضات المباشرة بينها وبين السلطة الفلسطينية فلن يكون في إمكانها أن تكبح الاعتراف الدولي المتوقع بإقامة دولة فلسطينية من جانب واحد، أو النتائج الكارثية المتوقعة لاتفاق المصالحة بين "فتح" و"حماس".