أحداث النكبة: الثورة العربية تدق بابنا
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       بالأمس دقت الثورة العربية باب إسرائيل، من خلال التظاهرات التي قام بها الفلسطينيون في مجدل شمس في سورية ومارون الراس في لبنان إحياء لذكرى يوم النكبة. وقد بدد تسلل المتظاهرين إلى قرية مجدل شمس الدرزية الواقعة على سفوح جبل الشيخ الوهم بأن إسرائيل تعيش في نعيم، وأن لا علاقة لها بالأحداث الدراماتيكية التي تجري من حولها.

·       بالأمس كادت الثورة ضد نظام بشار الأسد في سورية أن تصل إلى حدود إسرائيل. لقد أمل الرئيس الأسد بأن ينقذه وقوفه على رأس جبهة "مقاومة" إسرائيل من المصير الذي لقيه الرئيسان التونسي والمصري. وفي الحقيقة، عندما بدأ النظام في سورية يتزعزع إزداد التخوف داخل إسرائيل من قيام الأسد أو الذي سيحل محله بتصعيد الصراع معها من أجل تعزيز شرعيته وسط الجمهور السوري والجمهورالعربي إجمالاً.

·       لكن على الرغم من المخاطر التي يمكن أن تترتب على قيام الأسد بزعزعة الهدوء والاستقرار على الحدود الشمالية، فإن سقوطه يشكل خطراً أكبرعلى إسرائيل التي امتنعت عن الوقوف إلى جانب المحتجين ضد الأسد. فلقد كان في إمكان الجيش الإسرائيلي نشر قوات كبيرة في الجولان "تحسباً لأي تصعيد"، وإجبار الجيش السوري على الانتشار في الجانب الآخر من الحدود بدلاً من قتل المتظاهرين في درعا وحمص، لكن السياسة الإسرائيلية كانت عكس ذلك، فسعت إلى المحافظة على الهدوء والسماح للأسد بقمع التمرد مع الأمل بالمحافظة على الردع والهدوء.

·       بالأمس تزعزع الهدوء، وبرز سيناريو الرعب الذي تتخوف منه إسرائيل منذ قيامها، وهو خروج اللاجئين الفلسطينيين من مخيماتهم والتوجه نحو إسرائيل محاولين تحقيق "حق العودة" بأنفسهم. لقد أعدت إسرائيل العدة لمواجهة التظاهرات في ذكرى النكبة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وفي الجليل والمثلث، لكنها لم تكن مستعدة على جبهات أخرى، ليس بسبب تقصير استخباراتي، وإنما لأن هناك حدوداً للقوة، ومن غير الممكن السيطرة على كل الجبهات ونشر القوات في كل مكان، ولا بد من بقاء ثغرة ما يستطيع العدو استغلالها.

·       لقد سارعت إسرائيل كعادتها إلى إتهام الأسد و إيران بإرسال "مثيري الشغب من السوريين واللبنانيين"، بحسب وصف الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، وذلك بهدف "تحويل الانتباه عن القمع الذي يتعرض له المتظاهرون في سورية". لكن على الرغم من ذلك، فإن السياسة الإسرائيلية على الجبهة الشمالية لن تتغير، ولن تحاول إسرائيل تسخين الحدود رداً على ما جرى من أجل المساهمة في إسقاط الأسد واستبداله بنظام أكثر ملاءمة لها. وستسعى إسرائيل إلى التعامل مع ما جرى كحادث معزول، وستعمل من أجل عودة الهدوء.

·       لقد حاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو استغلال الأحداث على الحدود الشمالية من أجل دعم حملته الاعلامية تجاه واشنطن، ففي رأيه ما جرى يؤكد أن إسرائيل تخوض مواجهة ضد قوى تسعى إلى القضاء عليها. وفي رأيه أن خرق الحدود "ليس نضالاً من أجل حدود 1967، وإنما هو محاولة لزعزعة أساس وجود دولة إسرائيل".

·       بالأمس حصل نتنياهو على إنجاز صغير، عندما قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما إلقاء خطابه أمام مؤتمر أيباك،. إذ لا يمكن أن يقف أوباما في المعقل المؤيد لإسرائيل في أميركا من أجل إدانة المستوطنات والاحتلال ومطالبة نتنياهو بالخروج من المناطق الفلسطينية. وظهوره في المؤتمر بدلاً من إرسال نائبه أو موظف كبير من قبله دليل على أن أوباما لا ينوي الدخول في مواجهة مع نتنياهو في اللقاء المنتظر بينهما. ومن المتوقع أن يتحدث أوباما عن أهمية قيام دولة فلسطينية، لكنه سيحاذر وضع شروط ملموسة، وسوف يغلف دعوته إلى تقسيم أرض إسرائيل بكلام كثير ضد النظام الإيراني وبضمانات من أجل دعم أمن إسرائيل. فبالنسبة لأوباما، الحصول على تأييد مؤتمر أيباك لإعادة انتخابه لولاية ثانية أهم من مستقبل الفلسطينيين.

·       لذا، ثمة حظوظ كبيرة أن ينجح نتنياهو في رحلته إلى واشنطن في عدم تقديم تنازل عن ميلميتر واحد من الأرض. لكنه بموقفه هذا سيخسر القدرة على المناورة وسيترك المباردة في يد الجانب العربي. لكن هناك خطر آخر، فالرأي العام الدولي لا يرى في التظاهرات التي جرت بالقرب من السياج الحدودي "أعمال شغب"، أو "عمليات "تسلل"، وإنما عمليات احتجاج مشروعة لشعب مظلوم على طرده من أرضه وإذلاله.