مفاجآت الرئيس المصري محمد مرسي
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

 

·       لم يتوقع أحد أن يقدم الرئيس المصري الجديد محمد مرسي في هذا الوقت المبكر على إقالة أغلبية أعضاء القيادة العسكرية، وعلى إلغاء الصلاحيات الخاصة التي منحها الجيش لنفسه. ومن المرجح أن أعضاء القيادة العسكرية الذين أقيلوا لم يشعروا مسبقاً بأن مهمتهم كانت على وشك الانتهاء. فقد شملت المفاجأة جميع الدول التي تتأثر بمصر، ومن بينها إسرائيل، ومن الواضح أن نجاح هذه الخطوة يعود بصورة خاصة إلى السرية التي اعتُمدت في اتخاذها وإلى عنصر المفاجأة.

·       لقد أظهرت المفاجأة التي أحدثتها هذه الخطوة عدم صحة عدد من الافتراضات التي برزت في الأشهر الأخيرة، وهي كالتالي: أولاً، الافتراض أن الجيش المصري هو الطرف الأقوى والأكثر شعبية في القيادة المصرية، وهو الذي يقود مصر منذ سقوط حسني مبارك، ويحد من نفوذ الإخوان المسلمين. من هنا كان الافتراض أنه من الصعب إقالة قيادة الجيش من دون حدوث ردات فعل، إذ قد يكون ممكناً إقالة قائد فاشل، لكن من الصعب إقالة أغلبية عناصر القيادة والمس بصلاحياتها.

·       ثانياً، الاستناد إلى واقع أن مرسي لا يزال جديداً في منصبه، ولا يملك الخبرة والمعرفة بصراعات القوى، وليست لديه القوة الكافية للقيام بأمر كهذا، إذ من المنطقي ألاّ يقف الرئيس الجديد في وجه العسكر إلاّ بعد أن يكون قد ثبّت موقعه واكتسب قوة وخبرة. فحتى رئيس الحكومة التركية أردوغان لم يقم بتقليص دور الجيش في بلده إلاّ عبر عملية استمرت أعواماً وبعد أن اكتسب قوة وخبرة وشعبية. من هنا فإن الخطوة المبكرة التي قام بها مرسي كانت رهاناً صعباً، وكان يمكن أن تؤدي إلى خسارته كل شيء.

·       ثالثاً، افتراض عدم قبول الشعب المصري بهذه الخطوة، فصحيح أنه برزت أصوات دعت إلى تنحية المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة لأنه كان يمثل في نظر البعض استمراراً لنظام مبارك، لكن كثيرين لم يكونوا ليوافقوا على هذه الخطوة، وسيرون فيها مرحلة جديدة من مراحل تحويل مصر إلى دولة إسلامية يسيطر عليها الإخوان المسلمون.

·       أخيراً، كان الافتراض السائد أنه ليس لدى الرئيس المصري الجديد سبباً وجيهاً يبرر قيامه بعملية إبعاد القيادة العسكرية للجيش في الوقت الحاضر، وأنه لا مجال أمامه سوى الانتظار. فقد كان من الممكن أن تشكل حادثة الاعتداء التي وقعت في سيناء [وذهب ضحيتها 16 قتيلاً من حرس الحدود المصري] ذريعة لإقالة مسؤولي الاستخبارات المصرية، لكن ليس أغلبية القيادة العسكرية، ناهيك عن أن التبرير الذي قدمه مرسي بأن خطوته هذه هي من أجل "مصلحة الشعب المصري" ليست مقنعة، كذلك الأمر بالنسبة إلى الحديث عن خطوة ديمقراطية، وعن أن الجيش يجب أن يعود إلى ثكناته. فمصر ما زالت بعيدة عن الديمقراطية.

·       بناء على ذلك، فإن التقدير الأكثر منطقية هو أن صراع القوة بين "الإخوان" ومؤيديهم، وبين القيادة العسكرية للجيش سوف يستمر. لكن في هذه الفترة، لا مصلحة للطرفين في نشوب مثل هذا الصراع المباشر، وسيحاولان في الوقت الراهن التوصل إلى اتفاقات فيما بينهما، ومن المنطقي أن يحتاج الرئيس مرسي إلى دعم الجيش للاضطلاع بالمهمات الصعبة التي يواجهها نظامه، لذا فهو سيبحث عن سبل للتعاون معه.

·       ويبدو أن الرئيس مرسي عندما أقدم على خطوته هذه افترض أن التأييد الشعبي الذي يحظى به الإخوان المسلمون، والنظرة إلى القيادة العسكرية على أنها استمرار لحكم مبارك سيساعدانه على النجاح في خطوته، وأن القيادة العسكرية الجديدة التي عيّنها بعد انتخابه ستكون تابعة له وستدعم خطواته، كما افترض أن عنصر المفاجأة سيكون في مصلحته.

·       حتى الآن يبدو أن خطوة مرسي قد نجحت ولم تثر أي معارضة، لكن من المبكر القول إن القيادة العسكرية ستقبل، في المدى البعيد، المس بمكانتها، وأنها لن تحاول إعادة الأمور إلى الوراء. وفي جميع الأحول فإن ما جرى يثبت لنا أن الربيع العربي لم ينته بعد، وأن مفاجآت أخرى تنتظرنا مستقبلاً.