هل تخدم المصالحة الفلسطينية السلام أم تبعده؟
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

·       فاجأ اتفاق المصالحة بين "فتح" و"حماس" إسرائيل والمجتمع الدولي، إذ بدت إمكانات المصالحة ضئيلة وحتى مستحيلة نظراً إلى الخلافات الشديدة والعداوة بين الطرفين، وعدم استعداد حماس للتنازل عن السيطرة على غزة. لكن وبغض النظر عما إذا كان هذا الاتفاق سينفذ أم لا، فإن خطوة كهذه من شأنها أن تؤثر في العملية السياسية بطرق متباينة، وفي اتجاهات متعارضة، كما تطرح هذه الخطوة فرضيتين أساسيتين متعارضين: الفرضية الأولى تقول بألاّ مجال للتوصل إلى سلام من دون "حماس"، في حين تعتبر الفرضية الثانية أنه لا مجال لتحقيق سلام مع "حماس".

·       فيما يتعلق بالفرضية الأولى القائلة باستحالة التوصل إلى اتفاق سلام من دون "حماس"، فإن هذا القول صحيح، لأن اتفاقاً كهذا سيستثني قسماً كبيراً من الجمهور الفلسطيني، وثمة شك في أن السلطة الفلسطينية قادرة على تنفيذ اتفاق سلام من دون "حماس"، فالسلام مع السلطة الفلسطينية وحدها لن يكون سلاماً دائماً وسيشكل تسوية جزئية. علاوة على ذلك، إن عدم مشاركة "حماس" في عملية السلام سيجعلها تبذل كل ما في وسعها من أجل إجهاضها.

·       لقد جاءت المصالحة بين "فتح" و"حماس" لتدحض هذه الفرضية وتوحد المعسكر الفلسطيني وتزيد في شرعية العملية السلمية وتزيل عائقاً من طريق هذا السلام. فعلى أنصار السلام مباركة هذا الاتفاق.

·       لكن من جهة أخرى، ازدادت صحة الفرضية الثانية القائلة باستحالة التوصل إلى سلام مع حركة "حماس"، لأن المصالحة داخل المعسكر الفلسطيني ستمنع حل النزاع بسبب رفض الحركة الاعتراف بإسرائيل. وعندما ستشارك "حماس" في حكومة الوحدة فإنها ستفرض فيتو على العملية السلمية. وتشير المصالحة إلى أن "فتح" والسلطة، اللتين تعرفان جيداً موقف "حماس"، تفضلان، بحسب كلام نتنياهو، السلام مع "حماس" على السلام مع إسرائيل. إذاً، كيف يمكن دفع السلام مع إسرائيل إلى الأمام في حين ترفضه "حماس"؟

·       قد تساعد المصالحة السلطة الفلسطينية في الحصول على اعتراف دولي بقيام دولة فلسطينية من دون الاتفاق على ذلك مع إسرائيل، وفي إمكان أبو مازن الادعاء أن تحقيق الوحدة [بين "فتح" و"حماس"] أزال الحاجز الأخير الذي كان يعترض طريق إعلان الدولة، لأن حكومة الوحدة ستكون مسؤولة أيضاً عن غزة، الأمر الذي سيسمح بانضمامها إلى المبادرة الفلسطينية [للاعتراف بالدولة الفلسطينية]. وهذا الأمر صحيح، فعلى الرغم من معارضة "حماس" للسلام، إلاّ إنها لا تعارض أو ترفض قيام دولة فلسطينية من دون اتفاق مع إسرائيل، بل على العكس، فإن هذه الاستراتيجيا تصب في مصلحتها. لكن الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي سيعتبران انضمام "حماس" إلى الحكومة الفلسطينية من دون أن تغير موقفها فيما يتعلق باستخدام الإرهاب، ورفض الاعتراف بإسرائيل والتعامل معها، أمراً يتعارض مع خريطة الطريق. لذا، هما سيعارضان مبادرة قيام دولة فلسطينية من دون عملية سلام.

·       إن تصريحات المسؤولين الكبار في "حماس" بشأن رفض الحكومة الانتقالية التفاوض مع إسرائيل أو الاعتراف بها، واحتمال ألاّ يكون سلام فياض الذي يرمز إلى الاعتدال الفلسطيني رئيس الحكومة المقبل، كل ذلك يشير إلى أن الفلسطينيين لا يرغبون في السلام، كذلك سيجعل تحميل السلطة الفلسطينية إسرائيل مسؤولية فشل عملية السلام أمراً صعباً.

·       من شأن المصالحة الفلسطينية أن تخدم المصلحة الإسرائيلية أكثر من أي وقت مضى. وإذا كان نتنياهو لا يزال متردداً بشأن ما سيقوله في خطابه أمام الكونغرس، فإنه يستطيع في ظل الأوضاع المستجدة القول إن السلطة فضلت السلام مع "حماس" على السلام مع إسرائيل. كذلك يمكنه القول إن الكرة لم تعد في المرمى الإسرائيلي، وإنما باتت في المرمى الفلسطيني. فإذا كان الفلسطينيون مهتمين بدفع عملية السلام قدماً عليهم أن يقولوا ذلك، وعلى "حماس" أن توقف الإرهاب من غزة وأن تعترف بإسرائيل، وتنهي نزاعها معها.

·       سيلقى خطاب نتنياهو آذاناً صاغية في الكونغرس، وسيتبدد ضغط الإدارة الأميركية عليه. لكن يجب ألاّ يمنعه هذا من رؤية أن عدم وجود مبادرة سلام إسرائيلية دفع أبو مازن إلى تفضيل السلام داخل المعسكر الفلسطيني على السلام مع إسرائيل. وتبقى المفارقة في أن حكومة الوحدة الفلسطينية التي كان يُفترض أن تشكل مؤشراً إيجابياً يزيل العوائق من طريق السلام تبدو كمؤشر سلبي يضع العوائق أمام السلام، اللهّم إلاّ إذا قررت "حماس" أن تغير مواقفها، وهذا أمر صعب في هذه المرحلة.