· يستند اتفاق المصالحة بين "فتح" و"حماس" إلى مصالح وأطراف خارجية. فمن مصلحة أبو مازن توحيد الصفوف قبيل أيلول/سبتمبر، كذلك تتخوف "حماس" من فقدان الشريك السوري والتحول إلى طرف ضعيف، أمّا مصر التي تحتاج إلى إنجاز سياسي فقد شكلت المحرك للمصالحة.
· إن المصالحة بين "فتح" و"حماس" هي أشبه بالمصالحة بين اليمين الإسرائيلي المتطرف واليسار المغامر عندنا. فعلى الطرفين الفلسطينيين الاتفاق على كثير من الأمور معاً، مثل تأليف حكومة واختيار رئيس لها، وتوزيع الأموال والمناصب، واتخاذ قرارات بشأن العملية السياسية والتعاون الأمني مع إسرائيل، وإدارة الخزينة، والتوصل إلى برنامج عمل مشترك وأجندة مقبولة، وبلورة سياسة بشأن شاليط [ الجندي الإسرائيلي المحتجز في غزة منذ سنة 2008]، والتغلب على عدد لا يحصى من العراقيل.
· ليس واضحاً ما إذا كان هذا كله سيتحقق، وفي تقدير جهات إسرائيلية مطلعة أن إمكانات حدوثه ضئيلة. لكن على الرغم من ذلك يجب الاستعداد في أيلول/ سبتمبر المقبل لأن نجد أنفسنا في مواجهة شريك موحد الصفوف، الأمر الذي سيضطرنا إلى التخلي عن التذرع بعدم وجود شريك والتحجج بالانقسام الفلسطيني.
· لقد حاول خالد مشعل أمس إصلاح الخطأ الأحمق الذي ارتكبه اسماعيل هنية عندما أدان اغتيال بن لادن ووصفه بـ "الشهيد". وجاء خطاب مشعل في القاهرة تصالحياً، وتضمن مواقف مهمة، فقد أعلن قبول "حماس" قيام دولة فلسطينية ضمن حدود 1967، وأنها مستعدة لأن تمنح فرصة لاستئناف التفاوض مع إسرائيل، وذلك على الرغم من أن الاتصالات مع إسرائيل (المتواصلة منذ نحو 20 عاماً) قد فشلت. وفي اعتقادي أن كلام مشعل جاء نتيجة جهد بذله المصريون، إلاّ إن هذا الكلام سيساعد الأوروبيين والأميركيين في الإيقاع بنتنياهو. فها هي "حماس" تعلن استعدادها للتفاوض وتتحدث عن دولة فلسطينية ضمن حدود 1967، فأين المشكلة؟
· لقد كان يتعين على إسرائيل التصرف بصورة مختلفة تماماً. فإذا كان الفلسطينيون يرغبون في توحيد صفوفهم، فإن هذا من حقهم، وعلينا ألاّ نتدخل في تأليف الحكومة الفلسطينية مثلما لا نريد أن يتدخلوا في شؤوننا.
· إن كل ما هو مطلوب من الحكومة الفلسطينية أن تواصل الالتزام باتفاقات أوسلو، وأن تعترف بالاتفاقات مع إسرائيل، وأن تنبذ الإرهاب. وبهذه الطريقة نكون قد نقلنا المسؤولية إلى الطرف الثاني، وتركنا أبو مازن يتعارك مع شركائه الجدد.