· ثمة نجاح لا يمكن تجاهله حققه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وهو يتمثل في أنه وضع المسألة النووية الإيرانية على رأس جدول الأعمال الدولي، وبصورة خاصة الأميركي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: هل يخطط رئيس الحكومة ووزير الدفاع فعلاً لهجوم إسرائيلي منفرد ضد إيران؟ وهل يعتقدان أن إسرائيل قادرة وحدها على إلحاق أضرار بالمنشآت النووية الإيرانية تؤدي إلى عرقلة جدية لمشروع تطوير قنبلة نووية؟ وهل هما مستعدان للمخاطرة بنشوب حرب إقليمية تعرض الجبهة الخلفية في إسرائيل لضربات قاسية وتلحق الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي؟ وفي النهاية، هل إن تصريحاتهما وتهديداتهما هدفها فقط جر الولايات المتحدة وأوروبا إلى عملية عسكرية؟
· لا يملك الأميركيون جواباً عن هذه الأسئلة. فالمرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني، ووزير الدفاع الأميركي بانيتا، اللذان زارا إسرائيل الأسبوع الماضي، عادا من دون أن يعرفا نيات إسرائيل الحقيقية. وثمة من يزعم أن تصريحات الشخصيات الأمنية بشأن الموضوع الإيراني والتي تثير عاصفة من ردات الفعل، هي في الحقيقة تصدر بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية التي تقود حملة غايتها تضخيم التهديد الإسرائيلي لإيران، على أمل الدفع في اتجاه عملية عسكرية أميركية. والدليل على ذلك انضمام رئيس الموساد السابق أفرايم هليفي و اللواء زئيف فركش إلى دائرة النقاش بشأن هذا الموضوع.
· وفي جميع الأحوال، لا شك في أن الولايات المتحدة تملك قوة لا تملكها إسرائيل، وهي قادرة على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية هجوماً مدمراً يوقف المشروع النووي لمدة طويلة. ولقد كرر وزير الدفاع الأميركي على مسامع وزير الدفاع الإسرائيلي باراك تعهد الولايات المتحدة بالتحرك ضد إيران في حال فشل العقوبات، لكن يبدو أنه لم ينجح في إقناعه.
· ففي رأي مسؤول إسرائيلي حكومي كبير "المشكلة بين إسرائيل والولايات المتحدة مزدوجة، وهي تكمن في عدم الثقة والتوقيت"، فرئيس الحكومة لا يثق بأن أوباما سيهاجم إيران. وعدم الثقة هذه عميقة ومتبادلة، إذ يعتقد نتنياهو أن الرئيس الأميركي يميل إلى القبول بوجود قنبلة نووية إيرانية، وأن العالم سيتعلم كيف يتعايش معها، كما يعتقد أنه في حال انتُخب أوباما لولاية ثانية فإنه سيكون سيئاً تجاه اليهود وتجاهه شخصياً. أمّا بالنسبة إلى التوقيت، فنتنياهو وباراك يريدان القيام بالهجوم الآن وقبل موعد الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لكن هجوماً كهذا غير وارد اليوم لدى الرئيس الأميركي، حتى لو كان ضرورياً.
· في الحقيقة، إن مسألة التوقيت مهمة أيضاً بالنسبة إلى الهجوم الإسرائيلي. إذ يتضح من التصريحات المختلفة أن مثل هذا الهجوم قد يحدث في الأسابيع المقبلة، لكن هل هذا ممكن؟ هل يمكن أن يقصفوا إيران قبل موعد الأعياد في إسرائيل؟ وهل يجازفون بأن يؤدي ذلك إلى إعلان حالة الطوارىء وتوقف وتيرة الحياة الطبيعية وتدمير الأعياد؟ يبدو أن حدوث ذلك قبل الأعياد أمر غير منطقي. وإذا نُفذ الهجوم بعد الأعياد فإنه سيأتي عشية الانتخابات الأميركية، فهل من الممكن أن نفقد عقلنا ونخاطر بقصف إيران وندمر تماماً علاقتنا بأوباما الذي ما زالت حظوظ فوزه أكبر من حظوظ فوز رومني؟