· يعتقد الرئيس السوري بشار الأسد مثل كل الرؤساء العرب الديكتاتوريين، كالرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك، أن سبب غضب الشعب هو تصرفات قوات الأمن وفساد وزراء الحكومة والصعوبات المعيشية، وأن هذا الشعب يحب رئيسه حباً جماً.
· كذلك يعتقد بشار الأسد، مثل بن علي ومبارك، أن في إمكانه وقف موجة الاحتجاج في بلاده بخطوات لا مضمون لها، وعبر تقديم تعهدات غامضة بالإصلاح، وبصورة أساسية عبر توحيد الشعب السوري بالحديث عن مؤامرة إسرائيلية.
· في بداية الاحتجاجات في سورية استخدم النظام السوري سياسة قمع المتظاهرين. لكن سرعان ما توصل الرئيس السوري إلى الاستنتاج بأنه غير قادر على أن يحذو حذو والده حافظ الأسد وأن يضع القوى الأمنية والجيش في مواجهة المتظاهرين. فالقمع الذي مورس خلال الأسابيع الماضية ضد المحتجين أوقع مئات القتلى وفاقم موجة الاحتجاج وأثار انتقادات دولية لسورية وتهديدات بفرض عقوبات دولية عليها، وهذا ما يخشاه بشار أكثر من أي شيء آخر.
· لهذا السبب قرر الرئيس السوري استخدام سياسة اللين في التعامل مع المتظاهرين، فأبعد القوى الأمنية عنهم، الأمر الذي سمح لهم بالتظاهر بهدوء يوم الجمعة الأخيرة، وبالتفرق من دون وقوع حوداث. كذلك أعلن الأسد سلسلة من التقديمات الاقتصادية، فاستبدل الحكومة وتعهد بإلغاء قانون الطوارىء المعمول به في الدولة. وهذه كلها خطوات فارغة لا معنى لها، إذ ما حاجة النظام الديكتاتوري في سورية إلى قانون الطوارىء، فمثل هذا القانون لم يكن موجوداً في مصر ولا في تونس، إلاّ إنه لم يمنع النظام من السيطرة بيد من حديد في كلا البلدين.
· إن المشكلة في سورية يعرفها كل مواطن سوري وهي ليست في بنود الدستور السوري ولا في مستوى الأجور، وإنما هي في جوهر النظام الذي تسيطر عليه عائلة الأسد ويعتمد على الطائفة العلوية التي تهيمن على قوات الأمن والجيش.
· وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن الأسد بطّأ قطار التغييرات فقط. لقد سقط حاجز الخوف في سورية، وظهر النظام عاجزاً عن مواجهة المتظاهرين. وفي حال انضمت إلى التظاهرات أغلبية المواطنين السوريين التي ما زالت حتى الآن تراقب ما يحدث عن بعد، فإن هذا سيحسم مصير نظام بشار الأسد.