· يختلف الصاروخ المضاد للدروع عن قذائف المدفعية أو الصواريخ العادية بأنه ليس سلاحاً ثابتاً، فمن يُطلقه يكون قادراً على رؤية الهدف وملاحقته حتى اللحظة التي تحدث فيها عملية الإطلاق. من هنا فإن الذي أطلق صاروخ "كورنيت" على حافلة تابعة للمجلس الإقليمي كان يعلم بدقة مَن في داخلها، لكنه لم يعلم بأنها خلت قبل دقائق من الطلاب الذين كانوا على متنها، إذ لولا ذلك لكان عدد المصابين أكبر بكثير، ولدخلنا في عملية "رصاص مسبوك" ثانية.
· قد يدل ما حدث على أن قيادة "حماس" اتخذت قراراً بالعملية حتى لو كانت نتيجتها دخول إسرائيل إلى غزة وإعادة احتلالها من جديد. إلاّ إن القيادة العسكرية للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي لا ترى الأمور على هذا الشكل، وفي رأي مصدر عسكري رفيع، ثمة شيء لا يجري على ما يرام داخل "حماس"، فالمجموعة المتطرفة في الجناح العسكري في الحركة هي التي تسببت أمس بالتصعيد الكبير في قطاع غزة.
· وفي تقدير الجيش الإسرائيلي، لم يكن اختيار الحافلة مقصوداً، إذ إن "حماس" هاجمت حتى الآن أهدافاً عسكرية، وقد يكون هجومها على أهداف مدنية واضحة وحساسة هو نتيجة فشلها في مهاجمة أهدف عسكرية. وقد أُطلق أمس صاروخ مضاد للدبابات على دبابة لكنه لم يصب هدفه.
· ولا ينكر الجيش الإسرائيلي أن الهجمات الإسرائيلية على غزة لها علاقة بالجو التصعيدي السائد في المنطقة الجنوبية وبمجموعة الأحداث التي وقعت هناك منذ أكثر من شهر، ولا سيما القرار الذي اتخذه الجيش الإسرائيلي بجعل "حماس" تدفع ثمن كل عملية إطلاق صواريخ من قطاع غزة بغض النظر عن الطرف الذي قام بها. وهنا يُطرح السؤال: هل زيادة حدة الرد الإسرائيلي ستدفع بـ "حماس" نحو التهدئة أم على العكس ستجعلها تخسر الكوابح القليلة التي لديها للجم المتطرفين داخلها؟
· لا مصلحة لإسرائيل في حدوث تدهور عسكري كبير في غزة، لكن كيف يمكن الحؤول دون ذلك في مواجهة كيان مفكك لا نعرف من يتولى قيادته، إذ يبدو أن أحمد الجعبري [قائد كتائب القسام] لا ينصاع لأوامر الجناح السياسي في "حماس"، وهو قادر مع أنصاره على تغيير الوضع من أساسه بواسطة إطلاق صاروخ واحد.
· إن الرد الإسرائيلي لم ينته بعد، وسيتواصل في أماكن عدة وبقوة متفاوتة خلال الأيام القادمة. وسترد "حماس" بإطلاق مزيد من الصواريخ التي نجحت القبة الحديدية أمس في اعتراض أحدها، الأمر الذي شكل نجاحاً عملانياً مهماً هو الأول من نوعه في العالم. إن استهداف أماكن بعيدة مثل جنوب غوش دان بالصواريخ لا يمكن أن يحدث من دون أوامر واضحة من القيادة العليا. وبهذه الطريقة سننجر إلى التصعيد في الجنوب، وهو أمر لا يرغب فيه أحد ولا مصلحة لنا فيه.
· في الفترة الأخيرة قال ضابط في الجيش: علينا أن نعترف بأن الخيار الوحيد إزاء الوضع القائم في الجنوب هو إعادة احتلال غزة لمدة طويلة، وهذا أمر غير مطروح في ضوء الحالة السياسية الراهنة في إسرائيل. وفي ظل وجود رغبة لدى كل طرف في تلقين الطرف الآخر درساً، سيتدهور الوضع في غزة نحو عنف لا جدوى منه.