نهاية خيار السلام مع سورية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

·       لا يبدو واضحاً ما إذا كانت هذه المرحلة هي نهاية حكم عائلة الأسد، إلاّ إنه يبدو جلياً أنها نهاية "الخيار السوري" بالنسبة إلى إسرائيل. إذ إنه في كل مرة كانت المفاوضات مع الفلسطينيين تصل فيها إلى حائط مسدود، كان رؤساء الحكومة يجتهدون في البحث في إمكان التوصل إلى تسوية مع دمشق. وبعض هؤلاء، مثل رابين ونتنياهو وباراك، خطا خطوات عملية في هذا الاتجاه، لكن سرعان ما اصطدم بالرفض السوري، وبعدم تنازل السوريين عن مواقفهم غير القابلة للمساومة إزاء الموضوع الإقليمي، وإزاء الشأن الأمني. وقد ذهب رابين إلى ما هو أبعد عندما قدم إلى وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر "وديعته" التي تحولت إلى شيك مفتوح [وعد رابين كريستوفر بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجولان في مقابل السلام الشامل مع سوريا]، لكن جهوده ذهبت أدراج الرياح. وكان أول شيء قام به نتنياهو بعد انتخابه رئيساً  للحكومة لأول مرة [سنة 1996]، هو إلغاء "وديعة" رابين.

·       وإلى جانب هذه الخطوات الدبلوماسية المتعددة، سمعنا في الأعوام الأخيرة أوساطاً أمنية تؤيد التوصل إلى اتفاق مع سورية في مقابل الانسحاب من الجولان، لأن ذلك في رأيها، من شأنه أن يُخرج دولة عربية أخرى من دائرة العداء، ويفك التحالف بين دمشق وطهران، ويوقف تأييد سورية لحزب الله والتنظيمات الإرهابية الفلسطينية. إلاّ إن هذه الافتراضات الأساسية لم تُدرس في العمق، وقد أثبت الموقف السوري من كل هذه الموضوعات أنها افتراضات خطأ.

·       لم يفكر بشار الأسد جدياً، على الرغم من كل الإغراءات الأميركية والأوروبية، في التنازل يوماً عن المظلة الإيرانية التي تحمي الأقلية العلوية في سورية في مواجهة الأغلبية السنية. كما لم يفكر يوماً في التخفيف من الدعم الذي تقدمه سورية لحزب الله. يضاف إلى هذا كله أن عدم وجود سلام مع إسرائيل، كما يدعي الأسد نفسه، يشكل حجة لاستمرار تطبيق "قانون الطوارىء" الذي استخدمه كل من الأسد الأب والابن من أجل قمع أي بوادر معارضة للنظام.

·       وكعادتها في الآونة الأخيرة، تتردد الولايات المتحدة في موقفها من سورية، فهي من جهة انتقدت قمع المتظاهرين ودعت إلى احترام حقوق الإنسان، ومن جهة أخرى أعلنت أنها لا تريد التدخل في سورية كما تدخلت في ليبيا. فالولايات المتحدة حائرة بشأن ما هو أفضل بالنسبة إليها: استمرار بقاء نظام قمعي داعم للإرهاب ومرتبط بإيران؟ أم خطر مجيء نظام يتزعمه الإخوان المسلمون؟ إذ إنه حتى لو أقدم مثل هذا النظام على قطع العلاقة بإيران فإنه لن يكون أكثر ولاءً للأميركيين ولا أكثر ديمقراطية من النظام السابق. ومن نافل القول إن إسرائيل تواجه مثل هذه المشكلة أيضاً (على الرغم من ثبوت خطأ أهم التبريرات المدافعة عن "الخيار السوري"، أي استقرار النظام).

·       قد لا يكون ما يحدث في الشرق الأوسط هو ما تصر إدارة أوباما وشخصيات سياسية في الحزب الجمهوري على تسميته بـ "ربيع الشعوب"، وإنما بداية شتاء طويل ومظلم. ومهما ستؤول إليه الأوضاع، فإن انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان لم يعد مطروحاً للنقاش، وذلك للسبب نفسه الذي من أجله ذهبنا إلى هناك، وأقصد الدفاع عن أمننا في وجه اعتداء سوري أو غير سوري.

·       وفي ظل عدم الاستقرار في الشرق الأوسط يتخذ هذا الخطر أحجاماً جديدة. فلو كانت إسرائيل قد وقّعت اتفاقاً مع سورية يقضي بانسحابها إلى الساحل الشرقي من بحيرة طبرية في مقابل "ترتيبات أمنية"، ما الذي كان سيضمن استمرار هذه الترتيبات في ظل النظام الحالي المتهاوي، أو في ظل النظام الذي سيخلفه؟.