· قبل نحو شهر استبعد المستشرقون لدينا سقوط النظام السوري. لكن في ضوء التطورات الأخيرة، يبدو أن بشار الأسد بات في وضع صعب يحتّم عليه الاختيار بين احتمالين سيئين بالنسبة إليه، وهما: قمع المتظاهرين بالقوة، أو الاستجابة إلى مطالبهم وتطبيق الديمقراطية التي قد لا تسمح بأن يُنتخب مرة ثانية.
· تدل الأحداث الأخيرة على أن بشار اختار الاحتمال الثاني، على أمل أن يحافظ بذلك على بقائه مثلما حدث في إيران، صديقته الوحيدة في الشرق الأوسط وربما في العالم. ومن المنتظر أن تشهد سورية خلال عملية "ربيع الشعوب العربية" تغييراً بعيد المدى.
· طالبت التظاهرات في سورية بإنهاء حال الطوارىء وتحسين الوضع الاقتصادي، وانضمت إلى المتظاهرين الشباب جهات كثيرة في المعارضة التي بدأت بطرح عدد من الأسئلة مثل: لماذا تحكم الأقلية العلوية أكثرية سنية؟ لماذا دولة ذات أغلبية سنية (نحو 80٪) تقيم علاقات وثيقة مع إيران الشيعية؟ لماذا منذ سنة 1973 لم تحارب سورية من أجل استعادة هضبة الجولان؟
· وعلى عكس الثورات الأخرى في مصر وتونس واليمن وليبيا، فإن شرعية السلطة في سورية تطرح إشكالية خاصة لأن الحكم هناك يقوم على أقلية دينية، وللموضوع الديني أهمية كبيرة على الرغم من الجهود المبذولة للتخفيف منها.
· هل سيؤثر الوضع السوري في إسرائيل؟ إن الصعود المتوقع للسنّة إلى الحكم، سواء نتيجة الإصلاحات الليبرالية أم نتيجة الثورة، من شأنه أن يؤدي إلى تضرر علاقة سورية بإيران، وأن يضعف حزب الله المتهم باغتيال رئيس الحكومة السني رفيق الحريري. لكن على إسرائيل ألاّ تتحمس لعودة السنّة إلى الحكم، فمن المحتمل أن توقف سورية دعمها لحزب الله، لكنها قد تسمح بعودة الإخوان المسلمين، وستزيد في تأييدها للتنظيمات الإرهابية وفي طليعتها "حماس".
· وقبل أن نفرح بانهيار نظام البعث، علينا أن نتذكر أن الحدود الشمالية في هضبة الجولان كانت الأهدأ طوال الأعوام الماضية، وأن حل النزاع مع سورية وفقاً للإطار الذي اقترحته عائلة الأسد سهل نسبياً، على الرغم من المخاطر التي قد ينطوي عليها.