من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· يتابع المواطنون في إسرائيل مثل مواطني الدول الديمقراطية الأخرى التطورات في الشرق الأوسط، ويتمنون نجاح مسعى المطالبين بحقوق الإنسان في الدول المجاورة. لكن لا يبدو أن هذا سيتحقق في المستقبل المنظور.
· وعلى الرغم من نجاح المحتجين في إسقاط النظام في بعض الدول، وحتى لو نجحوا في ذلك في دول أخرى، فإن هناك قاسماً مشتركاً بين هذه الحركات الاحتجاجية كلها، وهو أنها استطاعت أن تعبر عن رغبة الناس في حكم ديمقراطي، لكنها لم تنجح في إظهار زعامة سياسية، وفي تجنيد قوة عسكرية قادرة على مواجهة حاكم متشبث بمنصبه. لهذا السبب اضطرت الدول الأوروبية إلى التدخل في ليبيا لمنع وقوع مجزرة ضد الثوار. ومن المنتظر أن يقوم حكام عرب آخرون مثل الرئيس السوري بشار الأسد بخطوات مشابهة لتلك التي قام بها حاكم ليبيا معمر القذافي.
· يوجد في الدول العربية نوعان من القوى المنظمة، هما: الجيش الذي يشكل الذراع الأمنية القديمة للنظام المكروه، والإسلام الراديكالي الذي ينقسم إلى كتل مختلفة يوحّد فيما بينها نظرتها الداعية إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الدولة ومحاربة الكفار.
· لذا، فإن القوة الوحيدة القادرة على أن تنشط في هذه الدول هي الإسلام الراديكالي. إن توقيت السيطرة الإسلامية على دول أساسية مثل مصر وتونس سيُتخذ نتيجة حسابات تكتيكية لا نتيجة قرار استراتيجي. وبكلام أوضح، في كل دولة عربية سقط فيها النظام القديم، أو سيسقط مستقبلاً، فإن الذي سيحل مكانه هو نظام إسلامي راديكالي، إذ لا يوجد بديل منه في الوضع الراهن، ولا توجد معطيات تمكن الحركات الديمقراطية من التطور.
· تتطلب منا القراءة المتشائمة والواقعية أن ندرس بتمعّن النتائج المترتبة على التطورات التي حدثت في الدول العربية من وجهة نظر إسرائيلية. تعتمد إسرائيل، مثلها مثل سائر الغرب، على أربعة معابر استراتيجية في المنطقة: معابر البحر الأسود التي تسمح بعبور الأسطول الروسي من وإلى البحر المتوسط ـ والتي يشرف عليها الحكم الإسلامي في تركيا؛ قناة السويس، وهي تحت سيطرة السلطة الموقتة في مصر التي من شبه المؤكد أنها ستُستبدل بحكم إسـلامي راديكالي؛ مضائـق باب المنـدب التي تربط البحر الميت بالمحيط الهندي - وغير البعيدة عن اليمن التي ستشهد قريباً سقوط النظام هناك؛ مضائق هرمز التي تشكل أهم معبر للنفط في العالم منذ ثورة الخميني سنة 1989، والواقعة تحت سيطرة النظام الراديكالي في إيران.
· إن عبور السفن الحربية الإيرانية قناة السويس الشهر الماضي، والحصار البحري الذي فُرض على إسرائيل في حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973] من خلال إغلاق مضيق باب المندب، يفرض على إسرائيل تفكيراً استراتيجياً جديداً من أجل الاستعداد لمواجهة عسكرية محتملة. وعلى الرغم من عدم أهمية الاستهلاك الإسرائيلي للنفط مقارنة بالأرقام العالمية لهذا الاستهلاك، ولا سيما أن إسرائيل تتباهى بكونها القاعدة المتقدمة للغرب وللديمقراطية في الشرق الأوسط، فإن هذا لا يعفيها من إعداد المخططات من أجل الدفاع عن معابر النفط في منطقتنا.
· علاوة على ذلك، علينا الافتراض أن النظام الإسلامي الذي سيقوم في مصر سيحاول الحصول على الشرعية الدولية. فقد لا تعمد السلطة الجديدة في مصر إلى إعلان إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، وإنما ستقوم بتعريضها للتآكل بحيث تلقي على عاتق إسرائيل مسؤولية إلغائها. في مثل هذه الأوضاع، على إسرائيل أن تنتهج سياسة معتدلة وحذرة، تقوم من جهة على غض النظر عن الخروقات الطفيفة لاتفاق السلام، والإعراب علناً عن اهتمامها بمواصلة مصر القيام بدورها كوسيط في الخطوات السياسية في المنطقة، كما أن عليها أن تستكمل، من جهة أخرى، بناء السياج الحدودي بين الدولتين، وتقليص البؤر المحتملة للاحتكاك.
· وفي حال أصر الحكم المصري الجديد على إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل، فعلى الإسرائيليين وكل الأطراف الدولية المعنية بما يحدث في المنطقة أن يكونوا على يقين بأن الخطوات التي قد تتخذها إسرائيل حينئذٍ لن يكون لها أي تأثير. ومهما آلت إليه التطورات السياسية، فمن المهم أن ندرك أن هناك قواعد سياسية جديدة تتحكم بالمنطقة، الأمر الذي يفرض علينا اتخاذ قرارات وصياغة تفكير استراتيجي بصورة مسبقة.