مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس: إسرائيل يمكن أن توافق على عمليات تخصيب يورانيوم محدودة في إيران
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

قدّرت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس، في تصريحات خاصة أدلت بها إلى صحيفة "هآرتس"، بأن يكون حيز المرونة الحقيقي لدى إسرائيل إزاء إمكان التوصل إلى صفقة بين الدول العظمى والنظام الحالي في طهران بشأن مسار البرنامج النووي الإيراني، أوسع من المواقف الرسمية التي يعلنها المسؤولون، وأن توافق الحكومة الإسرائيلية في إطار ذلك على عمليات تخصيب محدودة لليورانيوم في إيران لكن بدرجة منخفضة للغاية.

وجاءت تقديرات هذه المصادر عشية الجولة الثانية من المحادثات التي تجريها مجموعة 5+1 [الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن + ألمانيا] مع إيران، والتي من المتوقع أن تعقد في العاصمة العراقية بغداد بعد غد (الأربعاء). وقد أشارت أيضاً إلى أن حيز المرونة الذي تقصده انعكس مثلاً في بيان مكتوب صادر عن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قبل عدة أسابيع، وجاء فيه أن إسرائيل ستوافق في حالات معينة على استمرار تخصيب اليورانيوم في إيران بدرجة 3,5٪، وعلى بقاء مئات الكيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بدرجة 3,5٪ داخل الأراضي الإيرانية.

وأوضح مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى أن بيان باراك هذا جرى التداول فيه خلال محادثات خاصة مع الإدارة الأميركية، وهو يتناقض مع الخط المتشدد الذي ينتهجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في هذا الشأن، ويطالب في إطاره بوقف جميع عمليات تخصيب اليورانيوم في إيران، ونقل كل اليورانيوم المخصب من أراضيها. وعلى الرغم من أن تصريحات باراك في إثر هذا البيان تبدو أقرب إلى الخط المتشدد الذي ينتهجه رئيس الحكومة، إلاّ إن التقديرات السائدة في إسرائيل تؤكد أن ما ورد في ذلك البيان ما زال ساري المفعول.

وتأتي تقديرات هذه المصادر السياسية عقب نشر أنباء تفيد بأن مجموعة 5+1 وإيران ستتوصلان [خلال جولة المحادثات في بغداد] إلى اتفاق يقضي بوقف إيران عمليات تخصيب اليورانيوم بدرجة 20٪، والتي تجري في مركز التخصيب بالقرب من مدينة قم، وإبداء موافقتها على إخراج 100 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بدرجة 20٪ من أراضيها، وفي المقابل ترفع الدول العظمى جزءاً من العقوبات المفروضة على إيران، كما تحصل هذه الأخيرة على قضبان وقود نووي لتشغيل مفاعلات الأبحاث الموجودة لديها.

وتعقيباً على هذه الأنباء قال وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان، في سياق مؤتمر صحافي مشترك عقده في القدس أمس (الأحد) مع وزيرة الأمن الوطني في الولايات المتحدة جانيت نابولتينو، إن إسرائيل لا ترى أن إيران مستعدة للتخلي عن تطلعاتها النووية، وأن النظام في طهران يسعى من خلال المحادثات مع الدول العظمى لكسب الوقت من أجل دفع برنامجه النووي العسكري قدماً.

ونقل بيان صادر عن ديوان رئيس الحكومة أول أمس (الأحد) موقف نتنياهو من جولة المحادثات الثانية بين الدول العظمى وإيران.

وجاء في البيان على لسان رئيس الحكومة: "بطبيعة الحال، لا يوجد خيار أفضل من حل هذه القضية دبلوماسياً، لكنني لا أرى حتى الآن أي أدلة تشير إلى أن إيران جدية بشأن وقف برنامجها الرامي إلى تطوير أسلحة نووية. ويبدو أنها تنظر إلى هذه المحادثات على أنها فرصة أخرى لتعطيل هذا البرنامج، كما فعلت كوريا الشمالية خلال أعوام طويلة."

وأضاف البيان أن إيران "تنتقل من لقاء إلى آخر وتعرض وعوداً فارغة، وربما ستوافق على شيء من الناحية المبدئية لكنها لن تنفذه أبداً، وقد توافق على تنفيذ شيء لكنه لن يعطّل بشكل حقيقي برنامجها الساعي لتطوير أسلحة نووية. إن إيران جيدة في هذه اللعبة التي تشبه لعبة الشطرنج، وهي تعلم أنه في بعض الأحيان عليك أن تضحي بالبيدق من أجل إنقاذ الملك."

وكرر رئيس الحكومة مطالبته بأن يكون الهدف من هذه المحادثات واضحاً للغاية، وهو تجميد جميع عمليات تخصيب اليورانيوم داخل إيران، وإخراج كل المواد المخصبة منها، وتفكيك منشأة التخصيب بالقرب في قم، مؤكداً أنه في حال تحقيق هذا الهدف سيكون أول من يصفق له، ولكن إلى ذلك الحين سيبقى ضمن المتشائمين.