المبادرة السعودية لتشكيل اتحاد خليجي من شأنها إعادة رسم خريطة استراتيجية جديدة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       لقد كان في إمكان المبادرة السعودية لتوحيد دول الخليج وإنشاء قوة عسكرية مشتركة والتنسيق بين اقتصادات هذه الدول إحداث تغيير جوهري في تركيبة القوى في الشرق الأوسط، ورسم خريطة استراتيجية جديدة. لكن كما كان متوقعاً، دفع تخوف دول الخليج من الهيمنة السعودية على هذا الاتحاد إلى تأجيل النقاش في الموضوع إلى موعد آخر هو شهر كانون الأول/ديسمبر 2012، أي خلال القمة الرئاسية التي ستعقد في الرياض. وحتى ذلك الحين ستحدث أشياء كثيرة قد تجعل فكرة الاتحاد محفوظة في الأرشيف، مثلها مثل المبادرات الأخرى.

·       يسعى الملك السعودي لاستبدال مجلس التعاون الخليجي الحالي، الذي يضم السعودية والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وعُمان والذي نشأ سنة 1981، بإطار أوسع هو اتحاد يضم جيشاً مشتركاً قوامه نحو 360 ألف جندي، وقيادة عسكرية مشتركة، وسياسة خارجية واحدة، ومن الممكن أن ينضم إلى هذا الاتحاد اليمن والمغرب والأردن ومصر إذا أرادت ذلك.

·       إن الهدف الاستراتيجي لمثل هذا الاتحاد هو تشكيل قوة مشتركة لمواجهة الهيمنة الإيرانية في المنطقة، وبناء توازن قوى مع العراق الذي بات تحت النفوذ الإيراني.

·       لكن في مواجهة المنطق الاستراتيجي للاتحاد هناك حسابات دول صغيرة، مثل قطر والكويت وعُمان، لديها سياسات خارجية مستقلة، ولدى بعضها علاقات وثيقة مع إيران. وتتخوف هذه الدول من أن يلحق هذا الاتحاد الأذى بسيادتها ويجعل السعودية قادرة على تحديد سياستها الخارجية، الأمر الذي سيؤثر في أوضاعها الداخلية.

·       على عكس البحرين، التي تدفع في اتجاه الاتحاد مع السعودية نظراً إلى اعتمادها العسكري عليها، هناك تاريخ من الخلافات بين قطر والسعودية، وهناك فترات انقطعت فيها العلاقة بين الدولتين. فقد تحولت قطر في الأعوام الأخيرة إلى دولة ذات تأثير كبير، وتدخلت في العديد من النزاعات، واستطاعت أن تحقق نجاحاً حيث فشلت السعودية، مثل حل الأزمة في لبنان في إثر حرب لبنان الثانية سنة 2006.

·       أمّا الإمارات العربية المتحدة التي تتصرف كدولة ليبرالية ولديها علاقة تجارية قوية مع إيران، فإنها لا تريد أن تملي عليها السعودية قرارات يمكن أن تضر باقتصادها.

في هذه الأثناء، نجحت فكرة الاتحاد في إثارة غضب الإيرانيين الذين هاجموا بشدة فكرة تشكيل قوة عسكرية عربية موحدة. صحيح أن إيران قادرة على حشد نصف مليون جندي في مواجهة الجيش العربي المشترك، لكن الأمر لا يتعلق فقط بالعدد، بل أيضاً بالقدرة العسكرية لهذا الجيش وبالمساعدة الأميركية التي سيحصل عليها.