· في هذه المرحلة من السباق على الرئاسة الأميركية تشتد المنافسة بين المرشح الديمقراطي باراك أوباما والمرشح الجمهوري ميت رومني، وتعكس النسبة الحالية للتأييد الذي يحظى به الرئيس الأميركي، والتي لا تتجاوز 48٪، وضعه الهش. وفي ظل احتدام المنافسة، يتعين علينا أن ندرس مواقف كل من أوباما ورومني من الشرق الأوسط، كما ينبغي لنا التخلص من التنبؤات المتشائمة التي تتوقع أن يؤدي فوز أوباما إلى عودة الضغوط على إسرائيل.
· حتى لو فاز أوباما بولاية ثانية، فإنه سيواجه مجلس نواب يسيطر عليه الجمهوريون، إذ إن احتمالات فوز الديمقراطيين بالأغلبية في هذا المجلس ضعيفة، وينطبق هذا أيضاً على مجلس الشيوخ. وفي حال تحقق هذا السيناريو سيجد البيت الأبيض نفسه محشوراً بين هذين المجلسين، الأمر الذي سيقلص هامش تحركه إزاء إسرائيل. فضلاً عن ذلك، ثمة شك في أن الرئيس أوباما سيبذل كثيراً من الجهود على الصعيد الإسرائيلي – الفلسطيني خلال ولايته الثانية.
· فمنذ البداية لم يكن تدخل أوباما على هذا الصعيد منطلقاً من التزامات أيديولوجية عميقة كما كان الحال مع الرئيس جيمي كارتر، وإنما كان نابعاً من رؤية استراتيجية باردة وعقلانية. فقد بنى أوباما توجهه هذا آملاً بأن يؤدي التوصل إلى تسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى بلورة كتلة سنية معتدلة تعمل برعاية الولايات المتحدة الأميركية على لجم الخطر الإيراني. وضمن هذا المنظور جاء الضغط الذي مارسته إدارة أوباما في المرحلة الأولى، والذي أدى إلى تعكير العلاقات بين الدولتين. لكن موجة الثورات التي اجتاحت العالم العربي العام الماضي غيرت جدول الأعمال العربي والإقليمي، وأنهت محاولة الربط بين القضية الفلسطينية وبين الأهداف الاستراتيجية للإدارة الأميركية في منطقة الخليج.
· ومن الصعب أن يختار أوباما خلال العامين المقبلين العودة إلى محاولة حل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، الذي، فضلاً عن تعقيده، بات اليوم منقطعاً عما يجري في المنطقة. لذا، من المتوقع أن يحاول أوباما التقدم نحو حل موقت، أو أن يسعى لحل بعض المشكلات الأساسية.
· أمّا في حال فوز رومني، الذي يبدو في نظر الجمهور مديراً ناجحاً وقادراً على تحقيق الازدهار الاقتصادي، فليس من المنتظر أن يبدي اهتماماً بالموضوع الفلسطيني – الإسرائيلي في بداية ولايته، الأمر الذي سيقلص الاحتكاكات بينه وبين إسرائيل.
· ويمكن أن نضيف إلى ذلك حقيقة أن رؤساء جمهوريين سابقين (ريغان وبوش الابن) كانوا مع زيادة التعاون الاستراتيجي مع إسرائيل، ومواقف رومني الاستراتيجية هي استمرار لهذه المواقف. ومن المنتظر أن تقف إدارة رومني موقفاً صارماً تجاه الخطر الإيراني. لكن، وعلى الرغم من هذا كله، علينا ألاّ ننسى تجربة إسرائيل مع ريغان الذي، وعلى الرغم من تأييده الكبير لإسرائيل، لم يتردد في فرض العقوبات عليها سواء في سنة 1981، أو خلال حرب لبنان الأولى.