· من الصعب التقليل من احتمال انفجار الجبهة السورية. تبدو الأمور عادية من حيث الظاهر، وفي بعض الأحيان تنزلق الحرب الأهلية إلى أراضينا. لكن ما يحدث لا يقلق راحة السكان والسياح الذين يتوافدون إلى هضبة الجولان. والأخبار الأخرى كذلك تبقى شأناً سورياً داخلياً، مثل هزيمة الثوار في القصير، وانقضاض الجيش السوري على حماه، والتدخل المتزايد لحزب الله وروسيا، والتردد المزعج للولايات المتحدة وأوروبا.
· لكن على الرغم من ذلك، ثمة أمور تقلق إسرائيل وتسبب لها صداعاً حاداً، فبعد الانتصار في القصير، استطاع الأسد أن يستعيد القوة والثقة اللتين خسرهما خلال العامين الأخيرين، كما استعاد الوقاحة التي تجلت في تهديداته العلنية ضد إسرائيل.
· والتخوف اليوم ليس من اندلاع حرب مباشرة (إذ يدرك الأسد أن أفيغدور ليبرمان محق في التهديد بأن الأسد سيخسر كل شيء إن وقعت مثل هذه الحرب)، بل من رد "مختلف" على القصف الإسرائيلي داخل الأراضي السورية. وتشير التقديرات إلى أن الرد الانتقامي على مثل هذا القصف سيكون بالهجوم على السفارات [الإسرائيلية]، أو على طائرة أو سياح، أو أيّ شيء يمكن أن ينقل رسالة انتقامية واضحة من دون أن يترك بصمات واضحة تدل على من قام به أصبع اتهام واضح. ويعرف حزب الله كيفية القيام بمثل هذه الأمور وكذلك إيران، ومن المحتمل أن تجري الاستعانة بطرف إرهابي آخر من أجل إبعاد التهمة أكثر فأكثر عن دمشق.
· لكن حتى هذا العمل الانتقامي مهما كان مقلقاً، لا يأتي في طليعة المسائل التي تثير قلق إسرائيل. ويبدو أنه عندما يلتقي وزير الدفاع يعلون في نهاية هذا الأسبوع القيادة في البنتاغون والجيش الأميركي في واشنطن، سيتحدث عن التدخل المتزايد لحزب الله في القتال في سورية، وعن الثمن الذي سيحصل عليه لقاء ذلك، أيّ التزود بالأسلحة المتطورة. كما سيتطرق إلى خطاب روسيا التصعيدي في المنطقة التي انحازت بوضوح إلى طرف في المعركة، ما ُيعتبره تحدياً للولايات المتحدة، كما أنه يلحق الأذى بإسرائيل.
· وسوف يحذر يعلون الأميركيين من أنه إذا لم توقف واشنطن هذا الانجراف، فإن إسرائيل قد تضطر مرة أخرى إلى القيام بعملية من شأنها أن تتحول هذه المرة إلى حرب إقليمية وصولاً إلى مواجهة بين الكتل الكبرى.
· لا نجد لهذا الوضع المعقد أي أثر واضح على الأرض. صحيح أن الجيش الإسرائيلي يحافظ على جهوزية عالية في هضبة الجولان، لكن التوتر والحذر الاستخباراتي - العسكري بعيدان عن وعي الجمهور. قد يعتبر البعض أن هذا الكلام فصل آخر من صراع الجيش الإسرائيلي ضد تقليص ميزانيته، لكن الرد القاطع على ذلك هو أنه حتى وزير المال مطلع على هذه الصورة، ويعرف بأية سرعة يمكن أن يتحول الهدوء الحالي إلى انفجار كبير.