من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· المعارك التي دارت بعد ظهر أمس من أجل السيطرة على معبر القنيطرة مهمة من وجهة نظر إسرائيل، لكن على الرغم من نجاح قوات النظام في استعادة سيطرتها على المعبر، فإن هذا لا يحسم المعركة الدائرة بينها وبين الثوار. فمنذ بضعة أشهر جرت السيطرة على المعابر الحدودية بين سورية وجيرانها، وذلك بعد استيلاء الثوار على المعابر بين سورية وتركيا والعراق وجزء من المعابر في شمال لبنان. وكانت هذه السيطرة مهمة من أجل ضمان انتقال المقاتلين والسلاح والذخيرة إلى الثوار، ومن أجل إظهار "سيادة" الثوار على الطريق البري الذي يربط سورية بدول المنطقة.
· في مقابل ذلك، فإن معبر القنيطرة ليس ممراً للإمدادات للثوار، وبالتالي فإن أهميته الاستراتيجية أقل في نظرهم، وذلك بعكس نظام الأسد الذي يرى في معبر القنيطرة أهمية استراتيجية كبيرة بسبب قربه من الحدود الإسرائيلية. صحيح أن الأسد أعطى كل مَن يشاء أن يفتح جبهة في هضبة الجولان ضد إسرائيل الحريةَ في أن يفعل ذلك، لكن عملياً، فإن آخر شيء يمكن أن يريده هو إعطاء إسرائيل ذريعة لمهاجمة سورية إذا أقدمت جهات لا يمكن السيطرة عليها بإطلاق النار على إسرائيل. وفي المقابل، إذا سيطرت على المعبر مجموعات تابعة للثوار غير واضحة الانتماء الأيديولوجي، الراديكاليون الإسلاميون على سبيل المثال، فإن هذا الأمر قد يؤدي إلى اندلاع المواجهات بينها وبين إسرائيل.
· وهذا الأمر يختلف بصورة مطلقة عن السيطرة على مدينة القصير التي شكلت منعطفاً معنوياً وتكتيكياً وحتى استراتيجياً بالنسبة إلى الثوار. فالقصير تقع على معبر أساسي يربط بين دمشق والجزء الشمالي من سورية، كما يربط بين لبنان ومواقع الثوار في حمص، الذين سيضطرون اليوم إلى البحث عن طرق بديلة وربما أصعب كثيراً من الممر المريح الذي يبعد بضعة كيلومترات عن سهل البقاع اللبناني. وقد تحولت القصير إلى رمز للمقاومة إلى حد أن البعض شبهها بستالينغراد الثوار. ومن هنا، شكّل احتلال القصيرهزيمة قاسية تحولت إلى موضوع خلاف داخل الجيش السوري الحر، وأدت إلى تبادل الاتهامات بين وحدات هذا الجيش المختلفة بشأن أسباب الفشل العسكري.
· لقد كانت القصير في نظر الثوار اختباراً أرادوا بواسطته أن يثبتوا لدول الغرب قدرتهم على السيطرة على المحاور الاستراتيجية التي يمكن أن تؤمّن لهم النصر في مواجهة جيش النظام. ومن هنا تتأتى أهمية توقيت هجوم النظام. ففي الوقت الذي تقوم دول الغرب وروسيا وتركيا وإيران وبعض الدول العربية بالتحضير لعقد مؤتمر جنيف، كان من المهم بالنسبة إلى الثوار إظهار قدرتهم العسكرية من أجل ترجيح الكفة للحصول على المساعدة العسكرية الغربية، إذ لا شك في أن ثمة فارقاً بين تقديم المساعدة العسكرية لثوار على وشك الانتصار وحسم المعركة، وبين تقديم المساعدة لقوات في حالة تراجع وانقسام وعاجزة عن إسقاط النظام. وثمة أهمية كبيرة لهذا الاعتبار في ظل الخلاف الكبير بين فرنسا وبريطانيا من جهة، وبين الولايات المتحدة من جهة أُخرى، حيال طريقة الرد المطلوب على تجمّع الأدلة التي تثبت استخدام الأسد السلاح الكيميائي. من ناحية أُخرى، فإن روسيا وإيران تستطيعان استغلال الانتصار في القصير للقول إن النظام استرجع سيطرته، وإنه يجب مساعدته على إعادة الاستقرار إلى سورية.
· لكن على الرغم من أهمية السيطرة على القصير، فإنها لا تشكل نهاية الحسم الذي لا يزال بعيداً. فجيش الأسد يستعد الآن للمعركة الكبرى لاسترجاع مدينة حلب، واستعادة السيطرة على الأجزاء الشمالية لمدينة حمص، ومواجهة الثوار في مدينة درعا في الجنوب، ومواجهة الجيوب التي يحتلها الثوار شمالي حمص، وفي منطقة الرستن وفي عشرات البلدات الأُخرى التي يسيطر عليها الثوار، إذا أراد أن يسترجع سيطرته على سورية.
· إن أهمية السيطرة على القصير تكمن في منع انتقال السلاح والمقاتلين من لبنان إلى سورية، لكن ذلك لن يمنع انتقال السلاح من تركيا، ومن الجيب الكردي، ومن الأردن، في حال قررت هذه الدول إرسال السلاح إلى الثوار، أو في حال اتُّخذ قرار دولي بتسليح الثوار مباشرة وليس عبر تمويل عمليات شراء السلاح.
· بعد انتهاء معركة القصير، يبدو أكثر فأكثر أن الحسم الاستراتيجي مرتبط الآن بقرار الدول الغربية والعربية. وهنا تكمن أيضاً مفارقة استراتيجية، فمن جهة تحتاج هذه الدول إلى تقدير الحظوظ التي يملكها جيش الثوار قبل أن تتخذ قرارها بشأن المساعدة التي ستقدمها لهم، ومن جهة أُخرى فإن هذه المساعدة هي التي ستحسم حظوظ هذا النجاح.