من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· منذ أكثر من عام ونحن ننتظر الصيف الإيراني، ونعدّ الأشهر والأيام التي تفصلنا عن الموعد المنتظر، ونتساءل هل علينا مهاجمة إيران أم الامتناع من ذلك؟ لقد كنا متأكدين من أننا بعد مرور ثلاثة أشهر سنكون قادرين على معرفة ما إذا كانت الحرب ستقع، إلاّ إن مفاجأة كبيرة كانت في انتظارنا، وبدلاً من أن نكون إزاء حكومة متخبطة منقسمة تسعى لنيل رضى الناخبين، إذا بنا أمام محدلة حكومية تعتمد على أغلبية 94 عضو كنيست. لكن من حسن حظنا أن الصفقة التي جرت بين موفاز ونتنياهو سيكون لها أثرها أيضاً في موضوع الهجوم على إيران، فالسياسيون الذين يحبون الحياة لا يذهبون إلى الحرب.
· من المؤشرات الأولى على ذلك ما لمّح إليه وزير الدفاع، إيهود باراك، قبل بضعة أسابيع بأن أي هجوم إسرائيلي ضد إيران يجب أن يأخذ في الاعتبار الانتخابات الأميركية، الأمر الذي يعني تأجيل موعد الهجوم إلى ما بعد تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. بعد ذلك جاءت إشارات أخرى، فقد اعتبر الإيرانيون أن المفاوضات النووية التي جرت في مؤتمر إستانبول هي "خطوة مهمة إلى الأمام." وأبدت الدول الست الكبرى التي شاركت في هذه المفاوضات حماستها إزاء المرونة التي أظهرها الإيرانيون، والتي تمثلت في تخليهم عن كل الشروط المسبقة واستعدادهم للبحث في أمر تخصيب اليوارنيوم، ومسارعتهم إلى الموافقة على عقد جولة أخرى من المفاوضات في بغداد. وقال وزير الخارجية الإيرانية علي أكبر صالحي "إذا كنا في إستانبول قمنا بخطوة مهمة إلى الأمام، فإننا في مؤتمر بغداد سنقوم بخطوات عديدة أخرى." ومثل هذا الكلام لم يسبق أن سمعناه من إيران.
· إلاّ إن إيران استقبلت نتائج الانتخابات في فرنسا واليونان بمشاعر مختلطة، فسياسة الرئيس المنتخب فرانسوا هولاند تعارض التدخل العسكري في إيران على الرغم من تصريحاته الكثيرة الرافضة لامتلاكها السلاح النووي، وهو، على العكس من نيكولا ساركوزي، المحافظ وحليف المحافظين الأميركيين الجدد من أمثال جورج بوش الذي كان مع التدخل العسكري في ليبيا. يؤمن بالعلاقات الهادئة بين الاتحاد الأوروبي وبين إيران، ويعارض، بصورة عامة، سياسة ساركوزي العنيفة، وقد يشكل انتخابه بداية بروز خلافات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن السياسة الخارجية.
· لكن، وعلى الرغم من ذلك، تسببت الانتخابات في فرنسا واليونان بخسائر اقتصادية كبيرة لإيران جراء انخفاض سعر برميل النفط هذا الأسبوع ثلاثة دولارات، وذلك لأول مرة منذ كانون الأول/ديسمبر الفائت، أي الشهر الذي هددت فيه إيران بإغلاق مضيق هرمز. ومن المنتظر أن تساهم الأزمة الاقتصادية في اليونان واستمرارالبطالة في الولايات المتحدة في تخفيض أسعار النفط، الأمر الذي سيبدد آمال الإيرانيين باستغلال الارتفاع الذي سيحدث في أسعار النفط نتيجة تقلص مبيعاتهم منه بسبب العقوبات المفروضة عليهم، وتحقيق الأرباح الطائلة.
· إن الانخفاض الضئيل الذي طرأ على أسعار النفط في الأيام الأخيرة هو الخبر الجيد الذي تأمل من خلاله اليونان ودول الاتحاد الأوروبي أن يساعدها في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعانيها أوروبا. وإذا كان السلاح النووي الإيراني يشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل، فإن ارتفاع أسعار النفط يشكل تهديداً استراتيجياً لاقتصاد أوروبا التي طلبت من باراك أوباما تهدئة حليفته إسرائيل. فما يجري لا يقتصر على موضوع بسيط مثل عملية تفاوضية أو تجميد البناء في المستوطنات، بل يمس الاستقرار في العالم، ولا سيما أن استقرار أسواق البورصة العالمية بات يعتمد على ما قد تقوله إيران وما قد تفعله إسرائيل.
جميع هذه الاعتبارات تضع إسرائيل في مواجهة معضلات صعبة، فهل عليها عدم مهاجمة إيران؟ أم تهاجمها وتتحول إلى عدوة العالم كله؟ يبدو أن الجواب عن هذا السؤال عليه أن ينتظر صيف 2013.