معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· في 22 نيسان/أبريل 2012 أعلنت شركتا الغاز المصريتان الحكوميتان (EGAS-EGPC) إلغاء تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي، وجرى تبليغ القرار بواسطة شركة EMG المصرية التي تشكل صلة الوصل بين شركتي الغاز الحكوميتين وبين مستهلكي الغاز في إسرائيل وعلى رأسهم شركة كهرباء إسرائيل. وكانت مصر قد زودت شركة الكهرباء الإسرائيلية بنحو 37٪ من استهلاكها للغاز في سنة 2010، وفي سنة 2011 انخفضت هذه الكميات إلى 18٪ بسبب التفجيرات التي تعرضت لها أنابيب الغاز شمال سيناء. وقد شكل تزود إسرائيل بالغاز المصري أحد أهم مظاهر العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
· من الواضح أن إلغاء الاتفاق مع إسرائيل اتخذته القيادة السياسية العليا في مصر، إلاّ إنه، وعلى الرغم من ذلك، تحاول الدولتان التخفيف من خطورة الدلالات السياسية لهذه الخطوة، مشددتين على الطابع التجاري للخلاف. فهذا ما صرح به وزير النفط المصري في 23 نيسان/أبريل عندما قال إن أسباب القرار تجارية ولا علاقة لها بالاعتبارات السياسية، مشيراً إلى أن القرار لا يعكس توجهات سياسية معينة، وإنما جاء نتيجة خرق الاتفاق الموقع مع شركة EMG التي تدين للشركتين المصريتين بمبلغ 56 مليون دولار في مقابل كميات الغاز التي زودت بها إسرائيل العام المنصرم. وفي 23 نيسان/أبريل اعتبر نتنياهو أن وقف الغاز المصري هو نتيجة التطورات السياسية التي تشهدها مصر، ولكنه أضاف أنه لا يمكن إهمال الخلافات التجارية بين الطرفين ولم يستبعد لجوء شركةEMG ، وأصحاب الأسهم من الأجانب، إلى التحكيم الدولي ضد الحكومة المصرية بسبب الأضرار الناجمة عن عدم انتظام التزود بالغاز، والتي تقدر بمليارات الشيكلات.
· ثمة تفسير آخر لإلغاء اتفاق الغاز، وهو عجز المصريين عن الوفاء بالتزاماتهم بسبب فقدان السلطة المركزية في القاهرة سيطرتها الأمنية على سيناء منذ الثورة المصرية، فلم يعد في مقدور مصر تزويد إسرائيل بالغاز بعد تكرار حوداث تفجير أنابيب الغاز شمال سيناء، فضلاً عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بهذه الأنابيب، الأمر الذي دفع مصر إلى إلغاء اتفاق الغاز.
· ثمة تفسير آخر أُعطي لإلغاء الاتفاق، وهو حرارة حملة انتخابات الرئاسة المصرية المنتظر أن تجري بين 23-24 أيار/مايو، إذ يعتبر المصريون أن اتفاق الغاز مع إسرائيل يرمز إلى الفساد. ففي عهد حسني مبارك، حصل هذا الأخير وابنه والمقربون منه على رشى كبيرة نتيجة هذا الاتفاق، وذلك على حساب المصالح الاقتصادية للمصريين. ويُتهم حسين سالم، الشريك الأكبر في صفقة الغاز، بسرقة أكثر من 700 مليون دولار من المال العام نتيجة صفقة الغاز مع إسرائيل، وإسبانيا الآن على وشك أن تسلمه إلى السلطات المصرية، أمّا مدير شركة EMG فهو قيد الإقامة الجبرية في مصر.
· على الرغم من عدم إعطاء مصر أهمية سياسية كبيرة لإلغاء اتفاق الغاز مع إسرائيل، إلاّ إن الضرر السياسي الناجم عن إلغاء هذا الاتفاق كبير للغاية بالنسبة إلى إسرائيل، ذلك بأنه يقضي على أحد المظاهر القليلة للتطبيع بين البلدين، ويشير إلى تدهور العلاقات بين الدولتين نتيجة الاستجابة لضغوط الجمهور. فاليوم، وبعد مرور أكثر من 33 عاماً على اتفاق السلام مع مصر، يبدو هذا الاتفاق في نظر المصريين ضرورة استراتيجية ولا يشكل أساساً لعلاقات سلمية بين شعبي البلدين.
· أمّا بالنسبة إلى سوق الطاقة الإسرائيلية، فإن إلغاء اتفاق الغاز مع مصر أفضل من تطبيقه، ولا سيما بعد أن أصبح واضحاً أن إسرائيل لم تعد معتمدة على التزود بالغاز المصري كما كانت في الماضي. لكن إذا أراد المصريون استئناف تزويد إسرائيل بالغاز، فمن الأفضل أن تقبل إسرائيل بذلك نظراً إلى الأهمية السياسية لهذا الأمر، شرط أن تكون الكميات محدودة للحؤول دون التبعية للغاز المصري، ولأن استئناف التزود بالغاز المصري يمكن أن يشكل ورقة مقايضة في مواجهة المزودين المحليين بالغاز.
· ثمة مَن يرى في إسرائيل أنه كان على الأميركيين الضغط على المصريين من أجل معاودة تزويد إسرائيل بالغاز، إلاّ إن هذا الأمر ليس في مصلحة إسرائيل، فالضغط لا يحسن العلاقات بين الدول، وإنما يزيد التوتر فيما بينها. من ناحية أخرى تملك إسرائيل مخزوناً كبيراً للغاز، ولا ينبغي ترك سوق الطاقة المحلية تحت رحمة عدم الاستقرار لدى المزودين بالطاقة.
ومن الضروري أن تسرّع إسرائيل وتيرة التنقيب عن الغاز في البحر، وكان ينبغي لها أن تفعل ذلك منذ سنة 2011 مع بداية عدم انتظام التزود بالغاز، إذ يوشك حقل الغاز الإسرائيلي القديم "يام تايتس" الذي بدأ استمثاره سنة 2002 على النضوب، ولن يبدأ التزود من حقل "تمار" قبل الربع الثاني من سنة 2013، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء في إسرائيل، وإلى بروز مشكلات سيواجهها مستهلكو الكهرباء خلال صيف 2012. من هنا فالمطلوب اليوم بذل جهد خاص من أجل الدفع قدماً بعملية التزود بالغاز من حقل "تمار" القادر على تأمين الغاز على مدى أعوام عديدة.