· ليس من المبالغة القول إن تقديم موعد الانتخابات العامة المقبلة للكنيست سيكرّس الجمود المسيطر على العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، كما أنه سيعزز لجوء معظم الوزراء وأعضاء الكنيست إلى انتهاج سياسة متطرفة إزاء الفلسطينيين، ظناً منهم أن هذه السياسة من شأنها أن ترفع أسهمهم وأسهم أحزابهم في الانتخابات المقبلة.
· في واقع الأمر فإن هذا الجمود يتسبب أيضاً برفع حالة التأهب في صفوف المؤسسة الأمنية، إذ إنه منذ ذكرى يوم الأرض الأخير [في 30 آذار/ مارس 2012] باتت حالة التأهب في صفوف قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية في الدرجة القصوى. ويعتقد كبار المسؤولين في هذه القيادة أن الهدوء الحالي المسيطر على منطقة الضفة الغربية يخفي وراءه عاصفة كبيرة، ذلك بأنه من غير المنطقي أن يخرج ألوف الأشخاص للتظاهر في ميدان التحرير في القاهرة، وأن تزداد التظاهرات المناهضة لإسرائيل في الأردن، وألاّ يحدث شيء في الضفة الغربية. وللعلم فإنه بعد 9 أيام تحل ذكرى يوم النكبة.
· كما أن حالة التأهب لدى مصلحة السجون موجودة في الدرجة القصوى، وذلك في إثر الإضراب عن الطعام الذي أعلنه نحو 2000 أسير فلسطيني منذ 17 نيسان/ أبريل الفائت. ويؤكد كبار المسؤولين في هذه المصلحة أنه في حال وفاة أحد هؤلاء الأسرى المضربين عن الطعام حتى ذكرى يوم النكبة فإن هذه الذكرى ستكون بداية انتفاضة شعبية عارمة. وما يمكن تقديره الآن هو أن دخول إٍسرائيل في خضم معركة انتخابية لن يتيح إمكان الاستجابة للمطالب التي يطرحها الأسرى المضربون عن الطعام، وفي مقدمها مطلب استئناف زيارة أهالي الأسرى من قطاع غزة.
· فضلاً عن ذلك كله فإن الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وخطر عدم دفع رواتب الموظفين يخيم على السلطة الفلسطينية في كل شهر، وذلك تحت وطأة العجز المالي الكبير المتراكم عليها والذي جعل الرئيس الأميركي باراك أوباما يضطر إلى الالتفاف على معارضة الكونغرس، ودفع إلى إصدار أمر رئاسي يقضي بتحويل مبلغ 200 مليون دولار إلى هذه السلطة كي يجعل الاقتصاد الفلسطيني واقفاً على قدميـه عدة أشهر أخرى.
على وجه العموم يمكن القول إنه لا يوجد أي فراغ في العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين، ذلك بأن الفراغ الناجم عن الجمود السياسي المسيطر على عملية السلام تملأه عناصر متطرفة. في الوقت نفسه فإن الهدوء المسيطر على المناطق [المحتلة] حالياً يعيد إلى الأذهان الهدوء الذي كان مسيطراً عليها عشية الانتفاضة الفلسطينية الأولى [في كانون الأول/ ديسمبر 1987]، مع فارق واحد مهم للغاية هو أننا في ذلك الوقت لم نلاحظ الإشارات التي دلت على قرب اندلاع انتفاضة بينما نعرف الآن أن ثمة إشارات قوية إلى احتمال اندلاع انتفاضة قريبة، ومع ذلك فإننا نستمر في التغاضي عنها لدوافع شتى أضيف إليها مؤخراً دافع تقديم موعد الانتخابات العامة المقبلة.