هل فقد الفلسطينيون الأمل بحل الدولتين لشعبين؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

– مباط عال

·       دعا  أحمد قريع " أبو علاء" في مقال نشره في الفترة الأخيرة القيادة الفلسطينية إلى التخلي عن صيغة دولتين لشعبين التي تستند إليها عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية، واقترح بديلاً عنها تبني فكرة "دولة واحدة لشعبين"...

·       وقبل بضعة أسابيع دعا البروفسور ساري نسيبة إلى فكرة مشابهة، عندما كتب :"لا يمكن أن توجد دولة فلسطينية من دون القدس الشرقية عاصمة لها، وهذا الأمر لم يعد ممكناً. لذا فإن رؤيا الدولتين هو "فقاعة خيالية" (fantasy bubble).

.......

·       يعكس هذان الموقفان يأس القيادة الفلسطينية من فائدة مواصلة العملية السلمية مع إسرائيل عامة، ويأسها من التوصل إلى تحقيق صيغة دولتين لشعبين. وقد ترافق هذا اليأس مع المساعى التي يبذلها الفلسطينيون من أجل الحصول على اعتراف دولي بدولتهم، لا من خلال المفاوضات مع إسرائيل، وإنما بصورة أحادية الطرف وعبر المؤسسات الدولية. ويستند الفلسطينيون في توجههم هذا إلى الاعتبارات التالية:

أ‌-    تبدد آمال الفلسطينيين في أن الرئيس أوباما قادر على أن يفرض على إسرائيل وقف توسيع المستوطنات ودفعها إلى القبول بتسوية سلمية تتلاءم مع الموقف الفلسطيني. وبالنسبة للفلسطينين لم يعد مهماً ما إذا كان هذا ناتجاً عن عجز الرئيس أوباما عن القيام بذلك أم لأنه لا يريد، فالنتيجة واحدة وهي الجمود المطلق للعملية السياسية في مقابل تسارع البناء في المستوطنات.

ب‌-  لقد نجحت إسرائيل بزعامة نتنياهو في إحداث تغيير جذري في جدول أعمال الإدارة الأميركية. فقبل عام ونصف العام كان الموضوع الفلسطيني هو أحد أهم الأسباب لعدم الاستقرار في المنطقة، وكانت الولايات المتحدة تعتبر السعي إلى حل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي مصلحة عليا بالنسبة لها وعاملاً مهماً من أجل توطيد مكانتها في المنطقة. لكن جميع هذه الاعتبارت تراجعت خلال العام الفائت، واحتلت المسألة الإيرانية طليعة اهتمامات العالم الغربي، تاركة وراءها المشكلة الفلسطينية.

ج - كما ساهم "الربيع العربي" والأحداث المأساوية في كل من سورية ومصر في صرف الاهتمام عن المشكلة الفلسطينية. أما الجامعة العربية، التي كانت الجهة الأهم التي تساعد في طرح المشكلة الفلسطينية على جدول أعمال المجتمع الدولي، فقد خسرت   الكثير من نفوذها، ولم تعد قادرة على أن تكون طرفاً مؤثراً على الساحة الدولية.

د- أظهرت الحكومة اليمينية برئاسة نتنياهو قدرة مذهلة على البقاء في الحكم لمدة طويلة موحدة الصفوف وثابتة. وعلى ما يبدو أنها نجحت أيضاً في اقناع أوساط دولية عديدة أنه في ظل الثورات في العالم العربي والشرق الأوسط، فإن معالجة النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني تتطلب الكثير من الحذر ويجب أن تكون على مراحل.

......

·       في ضوء ما سبق، وفي إثر فشل توجه الفلسطينيين إلى المؤسسات الدولية في تحقيق النتائج التي أرادوها، فإن كل ما تبقى أمام القيادة الفلسطينية هو انتظار حدوث أحد الأمور التالية:

أ‌-    أن يجري حل المشكلة الإيرانية خلال الأشهر المقبلة، بحيث يصبح من الممكن إعادة المشكلة الفلسطينية إلى رأس جدول الأعمال الدولي.

ب‌-            أن يُنتخـــب الرئيس باراك أوبامــا لولايــة ثانيـــة، لا ســيما وأنه ســـبق أن أظهر استعداده  للسعي إلى حل النزاع بالاستناد إلى حل الدولتين. وأن يقوم في إثر ذلك  باستخدام ضغوطات كبيرة على إسرائيل بحيث يضطرها إلى إظهار المزيد من المرونة في مواقفها والسير في اتجاه التسوية الدائمة.

ج- أن يزداد الشعور وسط الرأي العام الإسرائيلي، ووسط القيادة الإسرائيلية، بأن استمرار الجمود السياسي وغياب الحل الذي يستند إلى صيغة دولتين لشعبين، من شأنهما أن يعرضا للخطر الطابع اليهودي – الديمقراطي لدولة إسرائيل.

·       وفي حال لم يتحقق ذلك، يمكننا الافتراض أن القيادة الفلسطينية ستعود إلى المسارات الأحادية الجانب، نظراً لعدم وجود خيارات أخرى بديلة. ففي مطلع نيسان/ أبريل الماضي، أوضح أبو مازن أمام وفد ضم ممثلين عن مبادرة جنيف[ التي قام بها يوسي بيلين وياسر عبد ربه سنة 2003]، أنه في حال لم يستلم رداً إيجابياً من نتنياهو على الرسالة التي أرسلها له، فإن السلطة الفلسطينية ستتوجه إلى الأمم المتحدة وستطلب منها رفع تمثيل السلطة من عضو مراقب إلى دولة "غير كاملة العضوية".

وإذا لم تفد المساعي الفلسطينية هذه المرة عن نتائج إيجابية، فمن المتوقع أن تحظى مواقف أبو علاء وساري نسيبة السابقة الذكر بانتشار واسع وسط الجمهور الفلسطيني عامة والقيادة الفلسطينية بصورة خاصة.