· عندما ننظر بإمعان إلى استطلاعات الرأي العام يبدو لنا واضحاً خطأ ادعاء اليسار في إسرائيل بأن أغلبية الإسرائيليين واليهود يعارضون سياسة الحكومة الحالية. إذ ليس هناك استياء وسط الجمهور الإسرائيلي من السياسة الخارجية والأمنية للحكومة لا سيما تجاه الفلسطينيين، وإنما هناك إجماع وسط الإسرائيليين تجاه كل ما له علاقة بالفلسطينيين لم نشهد له مثيل منذ أيام اتفاقات أوسلو التي أدت إلى الانقسام داخل الشعب.
· لقد نجح رئيس الحكومة في رسم مسار يحظى بموافقة أغلبية الجمهور وذلك من خلال إعلانه أنه لن يقدم تنازلات بعيدة المدى جديدة من دون أن تكون متبادلة. إلا إنه من جهة أخرى تعهد في حال وجود قيادة فلسطينية تسعى إلى العيش بسلام وتعترف بمطالب إسرائيل الأمنية، بأنه سيبذل جهده من أجل التوصل إلى تسوية تؤمن للفلسطينيين دولة مستقلة. وتحظى هذه النظرة بموافقة أغلبية أعضاء الكنيست والجمهور، باستثناء أنصار اليسار واليمين المتشدد والأحزاب العربية الراديكالية.
· إن من يحاول إثارة الضجة حول الادعاءات المعاكسة هو الإعلام اليساري وفي طليعته صحيفة "هآرتس" المحدودة الانتشار. وعلى الرغم من أن السياسيين والأكاديميين اليساريين ما يزالون يحظون بالاهتمام في وسائل الإعلام، إلا إنهم باتوا على هامش الحياة السياسية.
· إن أبرز دليل على ذلك خسارة زعيمة المعارضة تسيبي ليفني رئاسة حزب كاديما وفوز شاؤول موفاز. فبينما دأبت ليفني على معارضة سياسة نتنياهو من دون تمييز، كان موفاز أكثر انتقائية في توجيه انتقاداته ضد السياسة الخارجية، وأعلن أنه سيوجه كل طاقاته ضد السياسة الاقتصادية للحكومة. وينطبق هذا الكلام أيضاً على شيلي يحيموفيتش زعيمة حزب العمل، التي تبدو أكثر دقة في انتقاداتها الموجهة ضد السياسة الأمنية للحكومة، وعلى الرغم من معارضتها للمستوطنات فقد تجنبت مهاجمة المستوطنين بشدة مثلما فعل الزعماء السابقون لحزب العمل.
· ونلحظ توجهات مشابهة وسط الجاليات اليهودية في العالم التي ما تزال قريبة من إسرائيل كما كانت في الماضي، بعكس ما تدعيه جمعية "جي- ستريت" [اللوبي اليهودي اليساري في الولايات المتحدة]. عندما ظهرت "جي - ستريت" للمرة الأولى قبل عامين، اعتبرها الإعلام الليبرالي بأنها تمثل جيل المستقبل، وبأن موقفها المؤيد للسلام يمثل مواقف اليهود الأميركيين أكثر مما تمثله منظمة الإيباك. لكن بعد مررو عامين لم تحقق "الجي- ستريت" أي تقدم، وتبددت كل التوقعات التي تحدثت عن تراجع أهمية إيباك.
· ومثلما تحظى حكومة نتنياهو بتأييد الإسرائيليين، فإنها تحظى بتأييد اليهود في العالم الذين يفهمون الحقائق ويعلمون أن الفلسطينيين هم الذي يقضون على حظوظ التوصل إلى السلام، ويجعلون إمكانية تحقيق حل الدولتين مستحيلاً على المدى القصير.
وقد ظهرت هذه التوجهات في الاستطلاع الذي أُجري في الفترة الأخيرة لصالح الرئيس أوباما، إذ برز تراجع أهمية إسرائيل كعامل محدد لاقتراع اليهود في الولايات المتحدة، لكن من جهة أخرى ظهر أن نحو 73% من اليهود الأميركيين يعتقدون أن نتنياهو وحكومته يمثلان القيم اليهودية الحقيقية.