على نتنياهو بدء التفكير جدياً بكيفية التعايش مع إيران نووية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • عندما فصّل بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة قائمة الخطوات التي على إيران القيام بها من أجل طمأنة إسرائيل في الموضوع النووي، فإنه ذكّر عملياً بحقيقة أن العملية العسكرية الإسرائيلية غير مستبعدة. وفي الواقع لا مجال لأن تقبل إيران المطالب الأربعة المطلوبة منها، وعلاوة على ذلك فإن إمكانية أن تطلب الولايات المتحدة من إيران تنفيذ هذه الخطوات معدومة. وهذا ما يدركه جيداً رئيس الحكومة، فهو يعرف أنه في نهاية الأمر سيبقى وحده في مواجهة إيران ومعه مطالبه التحذيرية.
  • لقد حشر رئيس الحكومة إسرائيل وأخذ على عاتقه تعهدات من الصعب أن يلتزم بها. كان في إمكانه الاكتفاء بعبارات عامة مثل "اختبار إيران سيكون بالأفعال وليس بالأقوال"، لكنه اختار أن يدخل في التفاصيل وحدّد أربع خطوات على إيران تنفيذها هي: وقف تخصيب اليورانيوم، وإخراج اليوارنيوم المخصب من إيران، وتفكيك البنية التحتية التي تسمح بتسريع التطوير النووي بما في ذلك المنشأة تحت الأرض في قُم ومراكز الطرد المتقدمة في نتانز، ووقف العمل في مفاعل المياة الثقيلة في أراك الذي من المفترض أن ينتج البلوتونيوم.
  • واستناداً إلى كلام نتنياهو، فإن هذه الخطوات فقط هي "التي ستنهي مشروع تطوير السلاح النووي في إيران وستقضي على قدرتها على المضي قدماً نحو القنبلة".
  • من الصعب أن نفهم السبب الذي دفع رئيس الحكومة إلى تضمين خطابه هذه الشروط الأربعة إلا إذا كان ينوي أن يوصل إسرائيل إلى قرار مهاجمة إيران. فمن المؤكد، أنه خلال الأشهر المقبلة وبعد أن تبدأ المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، سيتضح أن الإيرانيين لا ينوون تنفيذ شروط نتنياهو، وليس هناك نية لفرض هذه الشروط عليهم. حينئذ ستصبح صدقية رئيس الحكومة قيد الاختبار، ومن المؤكد أنها ستفشل.
  • ما تجدر الإشارة إليه أن نتنياهو لم يشر مطلقاً في خطابه إلى الخيار العسكري الأميركي، مما يعني أن نتنياهو يدرك أن حظوظ مثل هذا الخيار معدومة. لذا فقد شدد قائلاً "منعاً لأي التباس، لن تسمح إسرائيل لإيران بالحصول على السلاح النووي حتى لو اضطرت إلى الوقوف وحدها، فهي مستعدة للقيام بذلك".
  • عندما يهدد رئيس الحكومة بأن إسرائيل ستهاجم لوحدها إيران، فإن هذا تهديد أجوف، إذ لا تملك إسرائيل خياراً عسكرياً حقيقياً. وهذا ما يسمعه نتنياهو مراراً وتكراراً من الجهات المسؤولة المفترض أن تقوم بالهجوم. في إمكان الهجوم العسكري الإسرائيلي أن يلحق الضرر ببضعة منشآت نووية في إيران، وفي أفضل الأحوال قد يؤخر مشروع تطوير القنبلة النووية لوقت قصير. ومن الواضح أيضاً أن نتنياهو لن يأمر بالهجوم ما دامت المفاوضات مع الإيرانيين جارية، وهي قد تستمر فترة طويلة ستتأكل خلالها صدقية التهديد العسكري الإسرائيلي.
  • لقد برز العنصر الدراماتيكي في خطاب نتيناهو في الأمم المتحدة من خلال دعوته بصوت عال إلى الوقوف إلى جانبه، في وقت تبين أنه ليس هناك من هو مهتم بالوقوف إلى جانبه، وبدت تهديداته بقصف إيران تعنت زعيم هستيري يحاول أن يوقف بالقوة عملية تاريخية ايجابية. كما بدا نتنياهو شخصاً مزعجاً من شأنه كما كتبت "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها، "عرقلة فرصة جيدة لاستئناف العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران".
  • لا يعني هذا كله أن نتنياهو لم يكن محقاً في تقديره أن إيران لا تنوي جدياً التخلي عن الخيار النووي، لكنه حتى إن كان محقاً فيتعين عليه تغيير "الاسطوانة" وبدء التفكير الجدي في كيفية التعايش مع إيران نووية.