التدخل السعودي في البحرين رسالة إلى إيران والعالم
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

·       إن دخول القوات السعودية إلى البحرين، حتى تحت راية مجلس التعاون الخليجي، يُعتبر حدثاً لا سابق له. لقد أنشأت دول الإمارات العربية، وعلى رأسها السعودية، مجلس التعاون الخليجي سنة 1981، في ظل أجواء الخوف من إيران جرّاء الحرب التي خاضتها ضد حليف المملكة العربية السعودية الرئيس العراقي صدام حسين. وقد شكل المجلس، عملياً، إطاراً يهدف إلى إلحاق السياسة الخارجية والأمنية لدول الإمارات بالسياسة السعودية، كما أوجد نوعاً من حزام أمني يفصل بين السعودية وإيران التي تهدد دول الخليج. ولم يؤد تشكيل مجلس التعاون إلى أي عملية تدخل بري من جانب أي دولة من دول الإمارت ضد أعداء خارجيين. وعلى الرغم من تحول السعودية في إبان حرب الخليح سنة 1991 إلى قاعدة ضخمة لانطلاق قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لتحرير الكويت، إلاّ إن القوات السعودية لم تتجاوز حدودها.

·       استندت سياسة عدم التدخل العسكري السعودية، باستثناء القتال ضد إسرائيل (إذ اضطلعت السعودية بدور في القتال ضد إسرائيل في الحروب كلها التي شاركت فيها مصر)، إلى مبدأين أساسيين: تفضيل الحكام المحافظين في المملكة للوسائل السياسية، وضعف الجيش السعودي. وهذان المبدآن هما، حالياً، موضع اختبار قد يتحول إلى منعطف مهم في سياسة الشرق الأوسط. فالملك السعودي الحالي البالغ من العمر 88 عاماً، وولي العهد ابن الـ 87 عاماً يعيشان وضعاً صحياً حرجاً، وليسا هما مَن يتخذ القرارات المهمة في السعودية. ويبدو أن هناك مصدراً مقرباً جداً من العائلة المالكة، على الأرجح الأمير بندر بن سلطان الذي يشغل حالياً منصب مستشار الأمن القومي، هو المسؤول عن اتخاذ القرار المهم بالتدخل في البحرين. وهذه الخطوة ليست مهمة بحد ذاتها إذا أخذنا بعين الاعتبار حجم القوة التي دخلت، والتي لا تتعدى عشرات الوحدات المدرعة مع أسلحتها، لكنها خطوة سياسية هدفها إيصال رسالة إلى العالم بأن المملكة لن تسمح للأغلبية الشيعية في البحرين المدعومة من إيران وحزب الله بالإطاحة بحليفها ملك البحرين، وتعريض حقول النفط السعودية للخطر من جانب عناصر معادية.

·       ويمكن أن نضيف إلى ذلك حقيقة أن أغلبية السكان في مناطق النفط السعودية المتاخمة للبحرين هي من الشيعة، وانتقال الاضطرابات إلى السعودية سيعرض النظام الحالي في الرياض للخطر، كما سيهدد تزويد الغرب كله بالنفط.

·       لم تغب عن أنظار الأمير بندر بن سلطان، وهو الذي يعرف الولايات المتحدة جيداً، الضربة المؤلمة التي وجهتها واشنطن إلى حكم حسني مبارك الحليف القريب من الدولتين، وذلك مقارنة بالموقف الأميركي البارد من المذبحة التي يرتكبها معمر القذافي في حق أبناء شعبه. وتفسير ذلك أن ليبيا تنتج نحو 2٪ من الاستهلاك العالمي للطاقة، في حين أنه لا يوجد لدى مصر نفط. وإذا كانت تدور في ليبيا حرب أهلية، فإن تدخل السعودية [مصدر النفط الثالث من حيث الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة بعد كندا والمكسيك) في البحرين، ومساهمتها في أعمال القمع الوحشي للمحتجين، لن يثيرا رداً أميركياً غاضباً.

·       وساهمت وسائل الإعلام الدولية، من دون قصد، في عدم إلقاء الضوء على الدخول السعودي إلى البحرين نظراً إلى انشغالها في الأيام الأخيرة بالوضع في اليابان، وتراجع أخبار الشرق الأوسط عن العناوين الأولى التي احتلتها أخبار المأساة الإنسانية الجديدة.

·       وقد تأثر توقيت العملية السعودية أيضاً بأحداث اليابان بطريقة مغايرة. ففي المدى المباشر، من المتوقع أن يتراجع استهلاك اليابان للطاقة بصورة كبيرة، لكن فور البدء بعمليات إعادة البناء سيرتفع الطلب على النفط كثيراً، وحينئذ ستصبح حقول النفط السعودية هدفاً مرغوباً جداً من جانب الإيرانيين. إن السيطرة على رأس الحربة في البحرين ليس أمراً مهماً جداً بالنسبة إلى السعودية، لكنه سيمنع الإيرانيين من استغلال حال عدم الاستقرار البحرينية، وتقديم "المساعدة" للمحتجين، ونشر قواتهم في الجزيرة على مسافة قريبة جداً من حقول النفط السعودية.