تقليص ميزانية وزارة الدفاع هو بمثابة ذر الرماد في العيون
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       مجدداً، ومثلما كان متوقعاً، نجح الجيش في الحؤول دون التقليص الحقيقي في ميزانيته. وما يمكن قوله هو أن قرار الحكومة تقليص ثلاثة مليارات من ميزانية الدفاع هو بمثابة ذر الرماد في العيون، لأن الميزانية في نهاية الأمر ستزداد في الأعوام المقبلة.

·       وهذا هو السبب الذي جعل المسؤولين الكبار في الجيش ووزير الدفاع يستقبلون "خبر التقليص" بتفهّم. فهم يعرفون ماذا سيجري حتى في سنة 2013 حين سيتوجه رئيس الأركان إلى رئيس الحكومة ويحدثه عن التعاظم المفاجىء لخطر جديد، وكيف ستتدفق فوراً الأموال إلى ميزانية الدفاع.

·       هذا ما كان يحدث على الدوام، وما سيحدث هذا العام والعام المقبل. وتُظهر الأرقام التي نشرها ملحق "كلكليست" [الذي يصدر عن صحيفة "يديعوت أحرونوت"] أنه خلال العقد الأخير بلغت الزيادة على الميزانية السنوية لوزارة الدفاع 7,2 مليارات شيكل، وأنه لا صلة بين الميزانية التي كان الكنيست يقرّها وبين الميزانية الحقيقية. فعلى سبيل المثال، في أواسط سنة 2012، وعشية الانتخابات، وافقت لجنة المال في الكنيست على زيادة 1,6 مليار شيكل على ميزانية الدفاع، بينما جرى تقليص الميزانية العادية ـ المدنية ـ للدولة بنحو 740 مليون شيكل. وحضر جلسة اللجنة هذه عضوا كنيست فقط. واليوم يبدو الجيش الإسرائيلي مطمئناً لأنه جرى التعهّد له بأنه منذ الآن، وحتى عام ونصف عام، ستزداد الميزانية لتصل إلى 59 مليار شيكل في سنة 2018.

·       وكيف يمكن على الرغم من التغييرات الهائلة التي طرأت على الوضع الجيو - استراتيجي السماح بتقليص نفقات الدفاع الضخمة؟ الجواب بسيط جداً. لقد سارع قادة الجيش إلى اتخاذ خطوتين وقائيتين: الأولى، المطالبة الحثيثة بزيادة ثلاثة مليارات شيكل على ميزانية الدفاع؛ الثانية، التضخيم من التهديدات المحدقة بإسرائيل، وتوجيه التهديد المبطن إلى زعماء الدولة بأنهم إذا قلصوا الميزانية لا يستطيعون إيجاد الرد الملائم على هذه التهديدات. وبهذه الطريقة تتحول الحرب الأهلية في سورية إلى تهديد خطر يبرر زيادة ميزانية الدفاع، بينما هذه الحرب في الحقيقة تزيل خطر نشوب الحرب في مواجهة الجيش السوري الآخذ في التفكك. ولا يتردد المسؤولون في الجيش عن التلويح بالخطر المصري الذي يعتبرون أنه ازداد بعد سيطرة الإخوان المسلمين، وذلك على الرغم من أن حظوظ خوض مصر الحرب ضد إسرائيل معدومة.

·       يبقى خطر عشرات آلاف الصواريخ الموجودة لدى حزب الله و"حماس". وهنا تحديداً يمكن التوفير لا الزيادة في ميزانية التزود بمنظومات جديدة تابعة للقبة الحديدية [المضادة للصواريخ القصيرة المدى] والعصا السحرية [المضادة للصواريخ المتوسطة المدى]. وعلى الرغم من مشكلة تجاهل الأجهزة العسكرية للنجاعة الحقيقية للقبة الحديدية، فإن من الواضح أن هذه السياسة الدفاعية غير صائبة. وأكبر دليل على ذلك أن ثمن صاروخ القبة الحديدية هو 100 ألف دولار، وثمن صاروخ العصا السحرية سيكون أكثر من مليون دولار. واستناداً الى الجيش، فإنه خلال الحرب الشاملة سيطلق نحو ألف صاروخ يومياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى فراغ مخازن الصواريخ الدفاعية خلال فترة قصيرة.

 

·       للأسف الشديد، لم يجر هذه المرة أيضاً نقاش منظم ومهني للبحث والتحليل الحقيقيين للمخاطر وكيفية إعداد الجيش الإسرائيلي لمواجهتها.