· وجهت إسرائيل قبل أسبوع تهديداً إلى الرئيس السوري بشار الأسد بإسقاط نظامه في حال قيامه بشن هجمات عليها [رداً على الهجمات التي شنتها داخل الأراضي السورية وقالت إنها استهدفت أسلحة متطورة كانت في طريقها إلى حزب الله في لبنان]، وذلك من خلال تصريحات أدلى بها مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى إلى صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. وأمس الأول (الجمعة) أعلن مصدر استخباراتي إسرائيلي رفيع المستوى في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة "تايمز" البريطانية أن إسرائيل تفضّل بقاء نظام الأسد في سدة الحكم كونه أهون الشرين.
· وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على استراتيجيا إسرائيلية مرتبكة ينتهجها سياسيون هواة من خلال تسريبات متناقضة إلى وسائل الإعلام الأجنبية.
· ولا بُد من القول إن التصريحات الصادرة عن المصدر الاستخباراتي الرفيع المستوى ناجمة أساساً عن محاولة إسرائيل امتصاص الغضب الروسي عليها وعلى الأميركيين في كل ما يتعلق بتعاملهما مع الأزمة السورية. ومعروف أنه عندما يغضب الروس على أمر ما، فإنهم يكونون مستعدين لتغيير قواعد اللعبة كلها. وهذا ما حدث بالنسبة إلى سورية، وانعكس في استعدادهم لتزويد سورية أسلحة متطورة على غرار صواريخ S-300 المضادة للطائرات، وصواريخ أرض - بحر من طراز ياخونت.
· وتجدر الإشارة إلى أنه عندما بدأت الاتصالات لبيع سورية صواريخ ياخونت قبل عامين، سارعت الولايات المتحدة إلى التدخل، ونجحت في إقناع روسيا بألا تشمل الصفقة بعض المنظومات التكنولوجية المتقدمة لهذه الصواريخ مثل أجهزة الرادار المتطورة. وكان من شأن تزويد سورية بهذه المنظومات أن يشكل خطراً على حاملات الطائرات الأميركية المرابطة في الخليج من جانب إيران، وأن يشكل خطراً على السفن الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط من جانب حزب الله. لكن الآن، وبعد أن قررت الولايات المتحدة والدول الغربية أن تديرا الأزمة في سورية بمنأى عن أخذ مصالح روسيا في الاعتبار، فإن هذه الأخيرة قررت ألا تأخذ مصالحهما في الاعتبار.
· ويمكن الافتراض أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سمع الأمر نفسه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى اجتماعهما في منتجع سوتشي الروسي الأسبوع الفائت، والمقصود عدم أخذ مصالح إسرائيل في الاعتبار، ذلك بأن الروس غاضبون على إسرائيل لاعتقادهم بأنها تتدخل في سورية من أجل إسقاط نظام الرئيس الأسد، من خلال شنّ هجمات جوية متكررة على مواقع داخل الأراضي السورية. وكان حرياً بإسرائيل عدم شن هذه الهجمات كي لا تثير غضب روسيا عليها.