· وصف مالكولم هونلاين نائب رئيس لجنة رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى في الولايات المتحدة اللقاء الذي جمع الرئيس باراك أوباما مؤخراً بـ 50 مندوباً عن اللجنة بأنه "اجتماع استثنائي". ففي رأيه، شكل هذا الاجتماع "فرصة كي يعبر يهود الولايات المتحدة عن رأيهم في الموضوعات المدرجة في جدول أعمال الدولة." ووفقاً للتقارير التي صدرت عن اللقاء، بذل أوباما كل ما في وسعه محاولاً إقناع المجتمعين بأنه لا يزال ملتزماً بإسرائيل، وكرر تعهده بإبقاء المساعدة العسكرية الأميركية المقدمة إلى إسرائيل في مستواها الأقصى الحالي.
· لكن التقارير أشارت أيضاً إلى إصرار الرئيس على ضرورة الضغط على إسرائيل كي تقدم تنازلات جديدة [للفلسطينيين] من طرف واحد. وقد شكر المجتمعون، من جهتهم، الرئيس على الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، وسألوه عن المواقف المعادية لإسرائيل التي عبرت عنها مندوبة الولايات المتحدة قبل التصويت وبعده، فأشار أوباما إلى أن من واجب الولايات المتحدة "أن تكون متوازنة"، وأن تأخذ في اعتبارها حساسية الرأي العام العربي في هذه المرحلة "الدقيقة".
· وما يبعث على القلق أنه على الرغم من التسونامي الذي يجتاح العالم العربي، لا يزال أوباما مؤمناً بوجود علاقة بين الأحـداث في الشرق الأوسط ـ بما في ذلك الخطر الإيراني ـ وبين الحاجة إلى تقديم تنازلات إسرائيلية إلى الفلسطينيين.
· ويتعاظم هذا الخطأ في فهم الوقائع عندما ندرس موقف الولايات المتحدة من إمكان وصول مجموعات إسلامية أصولية مثل الإخوان المسلمين في مصر إلى السلطة. إذ تعتبر الخارجية الأميركية الإخوان المسلمين مجموعة معتدلة على الرغم من أن هدفهم هو إقامة الدولة الإسلامية والقضاء على إسرائيل.
· وأكثر ما يثير الغضب هو طلب أوباما المتكرر من الزعامات اليهودية أن يسألوا رفاقهم في إسرائيل عما إذا كانوا جديين في موضوع السلام. فهل إسرائيل غير جدية؟ لقد كان نتنياهو رئيس الحكومة الوحيد الذي جمد البناء في المستوطنات لمدة عشرة أشهر، استجابة للضغط الأميركي (وليس الفلسطيني)، وعلى الرغم من ذلك رفض عباس التفاوض معه.
· من المؤسف أن أحداً من الزعماء اليهود لم يسأل الرئيس الأميركي عما إذا كان يرى رابطاً بين الزعامة الفاسدة في السلطة وبين مبارك الزعيم الذي تخلى عنه أوباما في الفترة الأخيرة. فالسؤال لم يُطرح، وواصل أوباما إلحاحه على إسرائيل من أجل تقديم تنازلات جديدة، مصراً على ضرورة "أن يبذل الطرفان جهداً أكبر."
· لكن ما هي التنازلات التي يجب أن نقدمها إلى الفلسطينيين الذين ما زالوا يرفضون الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، ويعارضون نزع السلاح، ويواصلون تمسكهم بحقوق العودة العربية؟
· هل المطلوب من نتنياهو الموافقة على العودة إلى حدود هدنة 1948 (والتي تُسمى خطأً حدود 1967)، وهي الحدود التي وصفها وزير الخارجية السابق أبا إيبان بأنها "حدود أوشفيتس" [معسكر اعتقال نازي لليهود خلال الحرب العالمية الثانية]؟ أم أن المطلوب هو أن يتجاهل نتنياهو قرار الأمم المتحدة 242 الذي شدد بصورة خاصة على أن هذه الحدود غير القابلة للدفاع عنها تتطلب تعديلات مستقبلية؟ وهل يتوقع أوباما من إسرائيل أن تنسحب من طرف واحد كما فعل شارون في غزة؟ لقد أدى هذا الانسحاب إلى سيطرة "حماس"، وتصاعد الإرهاب، وتزايد عمليات إطلاق الصورايخ التي وصلت إلى ذروتها في عملية الرصاص المسكوب.
· إن بقاء إسرائيل مرتبط إلى حد كبير بتأييد الولايات المتحدة، ويصح هذا اليوم أكثر من أي وقت آخر منذ نشوء الدولة. لكن في البيت الأبيض رئيس يفضل حتى من دون أن يعترف بذلك، التصالح مع الدول الإسلامية وإقامة علاقات مع الإسلام المتشدد من أجل تحقيق سلام وهمي، الأمر الذي يتعارض مع تأييده العلني لإسرائيل.
· لقد أظهر أوباما الذي يطمح إلى إعادة انتخابه لولاية ثانية، استعداده للتنازل عن أيديولوجيته من أجل تحقيق أهدافه. إن اليهود هم مجموعة استراتيجية صغيرة لكنها مهمة في السياسة الأميركية وذات نفوذ، والتحدي الذي يواجهها اليوم هو مواجهة الرئيس أوباما وإعادته إلى الطريق الصحيح بالنسبة إلى إسرائيل والولايات المتحدة والغرب.