من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· غالباً ما تبدو سياسة إسرائيل الخارجية والدفاعية في الأعوام الأخيرة كأنها تتمحور حول موضوع واحد هو: مطاردة السلاح. وفي الواقع، فإن إسرائيل قادرة على عرقلة أي صفقة سلاح في المنطقة. وهذا لا يعود إلى كونها دولة مسالمة تريد نزع السلاح من العالم، فهي نفسها لا تتوقف عن التسلح، وإنما ما هو مسموح لها غير مسموح به لغيرها.
· إن كل صفقة سلاح تجري في المنطقة تتعرض فوراً لهجوم إسرائيلي، أحياناً دبلوماسي، من خلال استخدام الضغط الكبير، وأحياناً عسكري، من خلال القصف. وهكذا جرى تدمير شحنات السلاح الموجهة إلى حركة "حماس" في السودان، ومصادرة شحنات في البحر، أمّا السلاح الموجّه إلى حزب الله فقُصف في سورية. وحتى صفقة السلاح بين الولايات المتحدة وحليفتها الاستراتيجية السعودية، وهي دولة لم تدخل يوماً في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، تتعرض فوراً لحملة من أجل عرقلتها، وينطبق هذا على مصر التي تربطها معاهدة سلام مع إسرائيل.
· في بعض الأحيان تنجح حملة الضغوطات، وعندما تفشل تقوم إسرائيل بعملية ابتزاز للحصول في المقابل على مزيد من السلاح لنفسها. وحتى الدولة الفلسطينية التي من المنتظر أن تنشأ استناداً إلى السياسة المعلنة لإسرائيل، محكوم عليها مسبقاً بأن تكون منزوعة من السلاح. وحدها إسرائيل مسموح لها بأن تتسلح.
· وكان آخر الخطوات التي قامت بها إسرائيل في هذا الإطار: منع حصول سورية على السلاح من روسيا التي تنوي تزويد نظام بشار الأسد المجرم بصواريخ مضادة للطائرات. ولا تفعل إسرائيل ذلك دفاعاً عن المواطنين السوريين، فهذا آخر ما يهمها، وإنما لخوفها من وصول هذا السلاح إلى يد حزب الله، وهو ما سيحرمها القدرة على التحليق كما تشاء في الأجواء اللبنانية وخرق السيادة اللبنانية، كما تفعل منذ أعوام.
· لقد رأينا نتنياهو، الذي لم يسافر إلى أي مكان بعد إعلان الجامعة العربية تعديل مبادرة السلام العربية [القبول بمبدأ تبادل الأراضي مع إسرائيل]، يهرع إلى لقاء عاجل مع فلاديمير بوتين كي يعطيه درساً في قواعد التسلح، ويفسر له ما هو مسموح لروسيا وما هو ممنوع. والسؤال هنا هو: ماذا عن قيام الغرب بتزويد الثوار السوريين بالسلاح؟ فهذا السلاح قد ينتقل هو أيضاً إلى أيد خطرة. وهنا تحديداً تصمت إسرائيل، وقد سمعنا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غابي أشكنازي، يدعو إلى تسليح الثوار.
· يجب هنا أن نعترف بصراحة، بأن هذه السياسة الإسرائيلية تنطوي على درجة من الوقاحة والنفاق والغطرسة. فلو كانت إسرائيل تنتهج سياسة سلام إلى جانب سياسة مطاردة السلاح، لما تذمرنا. ولو لم تكن إسرائيل نفسها هي الدولة الرابعة المنتجة للسلاح في العالم، ومن أكبر الدول المستهلكة للسلاح، لكان في الإمكان التعايش مع سياستها الرامية إلى نزع السلاح. لكن عندما يكون منع السلاح في المنطقة هو فقط الهدف الوحيد لإسرائيل، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: بأي حق تفعل إسرائيل ذلك؟