· في نظر الجيش الإسرائيلي تمت عملية إخلاء المنزل الفلسطيني المهجور، الذي احتله المستوطنون بطريقة غير قانونية، بشكل سلس وسريع ومن دون وقوع أي حوادث. لكن علينا ألاّ ننسى أن المسألة كانت تتعلق بمبنى واحد فقط، ولم يكن متوقعاً حدوث مقاومة شعبية، كما أن رجال الشرطة أُرسلوا في وقت سابق إلى المكان، ولم يتواجد الجنود الإسرائيليون في الموقع بل عملوا على المحافظة على الأمن من الخارج.
· لكن عندما ننظر إلى هذا الحدث بإمعان تبرز الشكوك والمخاوف، ليس فقط من إقدام المستوطنين على عمليات انتقامية من نوع "جباية الثمن"، بل أيضاً وتحديداً من المغزى السياسي الذي نجم عن هذا الحادث والذي قد ينعكس على الجيش والقوى الأمنية الأخرى.
· فعلى الرغم من أنه كان واضحاً بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي أن احتلال المنزل غير قانوني، وعلى الرغم من استعدادات القيادة العسكرية في منطقة يهودا لإخلاء المنزل، فقد قام أكثر من وزير في الحكومة الإسرائيلية وعدد من أعضاء الكنيست بزيارات تضامنية للمستوطنين الذين احتلوا المنزل معربين عن رفضهم عملية الإخلاء. ومن المؤكد أن الجنود الذين ساعدوا في تنفيذ أوامر الإخلاء سمعوا تصريحات هؤلاء السياسيين، وأصغوا إلى الانتقادات الموجهة إلى عملية الإخلاء عبر الإذاعة أو اطلعوا عليها من هواتفهم النقالة أو عبر مواقع شبكة الإنترنت، ومن المحتمل أن يدفعهم هذا الأمر إلى التفكير مستقبلاً في عدم تنفيذ عمليات إخلاء على الرغم من وجود أوامر عسكرية بذلك.
· ويجب التشديد هنا على أن جهات عديدة في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعتبر النزاع على الأرض بين اليهود والفلسطينيين في يهودا والسامرة موضوعاً حساساً للغاية قد ينفجر في أي لحظة إذا لم يعالج بطريقة صارمة. من هنا، فإن إخلاء المنزل في الخليل هو رسالة قاطعة من جانب الجيش والأجهزة الأمنية إلى كل الذين يخططون لمثل هذه العمليات.
بيد أنه لا بد من أن يتأثر الجنود بالرسالة الأخرى التي يسمعونها من السياسيين والتي تعارض عملية الإخلاء، الأمر الذي قد يؤدي إلى بروز ظاهرة خطرة يمكن أن تتجلى في رفض هؤلاء الجنود مستقبلاً تنفيذ الأوامر العسكرية.