خسارة تسيبي ليفني رئاسة كاديما هي هزيمة لحل الدولتين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       من الواضح أن شاؤول موفاز هو الذي فاز على تسيبي ليفني، إلاّ إن نتائج الانتخابات في كاديما لم تؤد فقط إلى انتخاب زعيم جديد للحزب، بل كانت بمثابة هزيمة لحل الدولتين المطروح منذ عدة أعوام على جدول الأعمال في إسرائيل. لقد شكلت هذه الانتخابات هزيمة نكراء لكل المحاولات السابقة لتقديم التنازلات للفلسطينيين. ويمكن القول إن التنازلات التي اقترحها إيهود أولمرت على محمود عباس (أبو مازن)، وتلك التي قدمتها تسيبي ليفني لأحمد قريع (أبو علاء) باتت الآن وراءنا.

·       صحيح أن أغلبية الإسرائيليين لا تعارض حل الدولتين، وهي مستعدة للقبول به في حال كان السبيل لتحقيق السلام، إلاّ إن المشكلة تكمن في خيبة الأمل التي منيت بها هذه الأغلبية مرات عدة. لقد بات الإسرائيليون اليوم غير واثقين من وجود طرف فلسطيني يمكن التوصل معه إلى السلام. ففي الماضي حظيت اتفاقات أوسلو بتأييد كبير وسط الجمهور الإسرائيلي، لكنها اليوم تبدو بمثابة فشل كبير. كذلك أيدت أغلبية الإسرائيليين الانسحاب من طرف واحد من جنوب لبنان [سنة 2000] الذي نفذه إيهود باراك، لكن ما حدث بعد هذا الانسحاب، أي الدور الذي بات لحزب الله في الحكم في لبنان ونصبه عشرات آلاف الصواريخ التي كانت السبب في نشوب حرب لبنان الثانية [تموز 2006]، أدى إلى تشكيك كثير من الإسرائيليين في هذا الانسحاب. لقد اعتقد باراك عندما اقترح على عرفات استرجاع جبل الهيكل ومساحة كبيرة من الضفة الغربية [مفاوضات كامب ديفيد صيف 2000] أنه سيحظى بتأييد الجمهور الإسرائيلي، لكن عرفات رفض مقترحاته، وخسر باراك الانتخابات، وجاء الرد الفلسطيني عبر موجة من الإرهاب لم يسبق لها مثيل.

·       كذلك حظيت خطة أريئيل شارون للانسحاب من غوش قطيف وإخلاء المدنيين الإسرائيليين من منازلهم بتأييد واسع وسط الجمهور آنذاك. إلاّ إن سيطرة حركة "حماس" على غزة بعد هذا الانسحاب وسقوط الصواريخ على جنوب إسرائيل، جعل كثيرين يعتبرون الانفصال عن غزة خطأً جسيماً.

·       ومما لا شك فيه أن "الربيع العربي" الذي يساعد في صعود الإسلاميين الأصوليين إلى الحكم في الدول العربية يزيد في شكوك العديد من الإسرائيليين بشأن فائدة تقديم تنازلات إقليمية الآن لجيراننا.

·       لقد شكلت الانتخابات التي أعادت بنيامين نتنياهو إلى الحكم قبل ثلاثة أعوام دليلاً واضحاً على خيبة أمل كثير من الإسرائيليين من العملية السلمية. ويمكن اعتبار هزيمة تسيبي ليفني في الانتخابات التمهيدية لحزب كاديما مؤشراً جديداً لهذا التوجه الذي يساهم مساهمة كبيرة في استقرار حكومة نتنياهو، بحيث سيسجل الكنيست الإسرائيلي الحالي رقماً قياسياً من حيث استمراريته.

·       كما تجدر الإشارة إلى الضعف الذي اعترى الأحزاب التي تنادي بضرورة تقديم تنازلات من أجل السلام، وقد تغير الوضع الذي طبع الحياة الحزبية الإسرائيلية لأعوام عديدة والقائم على وجود حزبين كبيرين، فاليوم هناك حزب كبير واحد وبضعة أحزاب متوسطة الحجم إلى جانب الأحزاب الصغيرة.

لقد بدأت بعض أحزاب المعارضة تقتنع بأن إصرارها على تقديم إسرائيل تنازلات للعرب يحدث هوة بينها وبين الرأي العام في إسرائيل، ويضعف  قوتها الانتخابية، ولهذا السبب بدأت هذه الأحزاب بالتوجه نحو الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية، لا نحو مسألة العملية السلمية.