· يعتبر إعلان الإخوان المسلمين ترشيح المليونير خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية المصرية أهم حدث شهدته مصر منذ سقوط حسني مبارك. إذ يشكل هذا الإعلان إعادة فرز للأوراق ويغير كل التوقعات السابقة بشأن مستقبل مصر ومستقبل الشرق الأوسط على حد سواء. والراهن اليوم أن الإسلاميين في مصر يسعون للسيطرة على السلطة التنفيذية بعد سيطرتهم على السلطة التشريعية وفوزهم بأغلبية المقاعد في مجلس الشعب.
· والمهندس خيرت الشاطر، الأب لعشرة أولاد، هو الممول الأساسي لـ "الإخوان المسلمين". ولقد سبق أن سُجن أكثر من مرة من جانب نظامي جمال عبد الناصر والسادات بسبب نشاطه في حركة الإخوان. ويتحدث المعلقون والصحافيون عن الشخصية العصرية للشاطر، الذي يريد قيادة عملية التغيير داخل حركة "الإخوان المسلمين" بهدف تحويلها إلى قوة حكم شرعية.
· لكن علينا ألاّ نخدع أنفسنا بهذا الكلام، فكما دفع الفوز في الانتخابات البرلمانية الإخوان المسلمين إلى التطلع إلى رئاسة الجمهورية، فإن سيطرتهم على موقع الرئاسة ستغير النظرة إلى مستقبل مصر.
· تمر العلاقة بين الجيش والقوى الإسلامية في مصر في مرحلة صعبة من الاضطرابات، إذ يبدو أن الجيش المصري استغل كل رصيده الشعبي الذي كان لديه بعد الثورة، وتوجد اليوم شكوك جدية بشأن قدرته على أن يقود المرحلة الانتقالية نحو سلطة جديدة بنجاح. من جهة أخرى، فإن فوز الحركات الإسلامية في الانتخابات التشريعية جعلها تتطلع إلى تحقيق مزيد من الأهداف.
· إن حدوث مثل هذا الأمر سيؤدي إلى أزمة جديدة في العلاقات بين مصر والغرب، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية. ولا يبدو حتى الآن أن العالم العربي يتخوف من سيطرة الإسلاميين على السلطة في القاهرة، بل مَن يتخوف فعلاً من هذا الأمر هو واشنطن، التي تخلت عن مبارك، والتي ستُضطر في النهاية إلى اتخاذ القرارات المتصلة بمستقبل المساعدة العسكرية الأميركية لمصر.
· إن طريقة تعامل البيت الأبيض مع الأحداث الاستثنائية في مصر لا تبشر حتى الآن بالخير بالنسبة إلى إسرائيل. فقد تغير الوضع القائم في مصر بصورة لا عودة عنها، وبات الإخوان المسلمون يسيطرون على قواعد اللعبة السياسية بالكامل.
· لذا يتعين على القدس أن تتابع التطورات الأخيرة بدقة وأن لا تصدق التصريحات "المعتدلة" الصادرة عن الأطراف المصرية المتشددة. وإذا كان في إمكاننا ممارسة الضغط على الجيش المصري أو على أطراف أخرى تستطيع أن تكبح عملية سيطرة الإسلاميين على الدولة في مصر، فعلينا ألاّ نتأخر عن القيام بذلك. فبعد الانتخابات الرئاسية في مصر، لن يبقى من نستطيع التحدث معه هناك.