· بعد مرور 18 عاماً ونصف العام على اتفاق أوسلو، ما زال النزاع مع الفلسطينيين يشكل العبء الأكبر الذي على إسرائيل مواجهته في العقود المقبلة. صحيح أن تحول إيران إلى دولة نووية يشكل خطراً مباشراً على وجود إسرائيل، إلاّ إن الخطر الفلسطيني، على المدى البعيد، هو الخطر الحقيقي. واليوم وبعد مرور 18 عاماً على اتفاقات أوسلو، من المفيد أن نرى ماذا قدمت هذه الاتفاقات لإسرائيل وماذا أخذت منها.
· أولاً، لقد تخلت إسرائيل عن الأماكن المقدسة تاريخياً بالنسبة إلى اليهود. وعلينا ألاّ ننسى أن عودة اليهود إلى أرضهم بعد آلاف الأعوام من المنفى لا تعني العودة إلى تل أبيب أو نتانيا، وإنما العودة إلى القدس القديمة والخليل وبيت لحم. وقد تخلت إسرائيل عن هذه الأماكن وقدمتها للفلسطينيين على طبق من ذهب.
· ثانياً، لأول مرة يحظى تنظيم إرهابي فلسطيني باعتراف وشرعية دولية وذلك بفل اتفاقات أوسلو. وقد استطاع عرفات بعد خطابه في الأمم المتحدة، الظهور في عواصم العالم كافة.
· ثالثاً، تغيرت الصورة القديمة عن ديفيد وغوليات، فلم تعد إسرائيل هي ديفيد وإنما الفلسطينيون. وباتت إسرائيل هي غوليات التي تضطهد شعباً صغيراً ضعيفاً ومظلوماً. ومنذ ذلك الحين نال الفلسطينيون التأييد الدولي، مع أنهم يشكلون جزءاً من العالم العربي الكبير، رغم تورطهم في الأعمال الإرهابية.
· لقد تحولت إسرائيل في نظر العالم إلى كيان استعماري، ولم تعد تمثل الشعب الذي عاد إلى أرضه بعد آلاف الأعوام من المنفى، وأصبحت في نظر هذا العالم دولة محتلة نهبت منازل العرب.
· في المقابل، نجح الفلسطينيون عبر اتفاقات أوسلو في الحصول على الأرض والإعلام والسلاح. ويمكن القول إن القيادة الفلسطينية التي أتت من تونس إلى هنا شكلت بداية تطبيق حق العودة.
· منذ اللحظة التي وقعت فيها إسرائيل اتفاقات أوسلو تخلت عن الحملات الدعائية، وظن القيمون على العملية السلمية عندنا أنه من أجل التصالح مع العرب علينا القبول بكل ما يقولونه من دون الرد عليهم.
· ولقد أثر هذا الموقف على القطاع اليهودي، ولا سيما على المنظمات التي تطلق على نفسها اسم جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، التي علمت الفلسطينيين دروساً في كيفية ممارسة الضغوط على إسرائيل، وبذلك ساهمت، بطريقة غير مباشرة، في الإرهاب وفي تشويه صورة إسرائيل أمام المؤسسات الدولية.
كما شكل هذا بداية لحركة رفض تأدية الخدمة العسكرية الإجبارية في المناطق ومقاطعة المنتوجات الإسرائيلية والحظر الأكاديمي على إسرائيل وتحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة.