وداعاً للأسلحة الكيميائية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إن اتفاق الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على خطة لتفكيك السلاح الكيميائي لسورية إذا نفذ نصاً وروحاً، يشكل فرصة كبيرة لإسرائيل. فلقد اعتبر مخزون نظام [الرئيس بشار] الأسد من غاز الأعصاب تهديداً استراتيجياً للجبهة الداخلية، مما اضطر إسرائيل لبذل استثمارات هائلة في شراء أقنعة الغاز لسكانها. وعندما تزعزع الحكم المركزي في دمشق مع اندلاع تظاهرات "الربيع العربي"، تعاظمت الخشية من أن تنقل سورية أسلحة كيميائية إلى حزب الله، أو أن تقع ترسانتها بيد التنظيمات المتطرفة في سورية.
- إن فرض رقابة دولية على الأسلحة الكيميائية في سورية وتفكيكها لاحقاً، سيزيلان تهديداً مباشراً مسلطاً على إسرائيل، ويحدان من خطر انتقالها إلى حزب الله، لأن ترسانة الأسلحة الكيميائية لا يمكن تدميرها بالقصف الجوي، ويبدو الاتفاق الدبلوماسي الوسيلة الأكثر فاعلية للتخلص منها، حتى لو وضع السوريون صعوبات وعراقيل لتنفيذه.
- كما أن تفكيك الأسلحة الكيميائية في سورية سيمنح إسرائيل فرصة لمراجعة موقفها من معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية CWC، فقد وقعت إسرائيل على المعاهدة في العام 1993، لكنها منذ ذلك الحين رفضت المصادقة عليها والالتزام بقواعدها التي تتطلب تقديم تقارير عن ترسانتها من هذه الأسلحة، ورقابة وتدمير مواد القتال الكيميائية. وكان الموقف الرسمي الإسرائيلي هو أنه طالما كان في حوزة الدول المعادية مثل هذه الأسلحة، فلن تصادق إسرائيل على المعاهدة. لكن هذا موقف قصير النظر ومشكوك بفائدته.
- إن سياسة "الغموض" بالنسبة للأسلحة الكيميائية لا تخدم أي غرض ردعي لإسرائيل، فمن الصعب تخيل سيناريو يضطر فيه الجيش الإسرائيلي إلى استخدام غاز السارين أو غاز VX فيما لو امتلكهما، من أجل وقف غزو بري لإسرائيل، أو من أجل ضرب مدن العدو. لدى إسرائيل وسائل ردع أخرى يمكن أن تشكل رداً على هجوم بالأسلحة الكيميائية. فالقوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، طبقت معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية بالكامل وتخلت عن ترساناتها العسكرية من الغاز، وبوسع إسرائيل فعل الأمر نفسه.
في حفل التوقيع على المعاهدة عام 1993 تحت شعار "وداعاً للأسلحة الكيميائية"، قال وزير الخارجية الإسرائيلي حينها شمعون بيرس: "لا يوجد سلاح ضد الأسلحة غير التقليدية، توجد سياسة يمكن أن تمنع استخدامها، ويُفضل أن يمنع صنعها". وتبقى كلماته صالحة اليوم أيضاً.
إن المصادقة على المعاهدة ستوفر على إسرائيل تكاليف تطوير وصناعة وحيازة الأسلحة الكيميائية فيما لو كانت تمتلكها. وستظهر للعالم أن [إسرائيل] تسهم في قسطها من المجهود العام لتخليص المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.
من المؤسف أن تضطر إسرائيل في المستقبل إلى توقيع المعاهدة تحت ضغط دولي كما فعلت سورية.