على إسرائيل ألاّ تتجاهل دعوة مروان البرغوثي الفلسطينيين إلى انتفاضة ثالثة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       هذا الأسبوع دعا مروان البرغوثي، أحد الزعماء البارزين في حركة "فتح" والمسجون في إسرائيل، أبناء شعبه إلى انتفاضة شعبية واسعة ضد إسرائيل، وإلى وقف المفاوضات والتنسيق الأمني معها، ومقاطعتها.

·       هذه المرة، على القدس أن تصغي جيداً إلى هذا الكلام. فقد كان البرغوثي، المحكوم خمسة أحكام بالسجن المؤبد، أحد أبرز الناشطين في الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وكان سبق أن حذر إسرائيل من خطر نشوب تلك الانتفاضة عندما كان لا يزال زعيماً شعبياً مؤيداً للسلام ومعارضاً للعنف. يومها قام البرغوثي بجولة على السياسيين الإسرائيليين، وعلى الجهات التي تؤثر في الرأي العام في إسرائيل، وعلى الأحزاب الصهيونية الأساسية، مطالباً إياهم بالعمل على التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين وإلاّ فإن الانتفاضة ستحدث، لكن أحداً من المسؤولين الإسرائيليين لم يستمع إلى كلامه ولم يأخذ بتحذيراته، فنشبت الانتفاضة الثانية التي كان للبرغوثي دور كبير فيها.

·       واليوم يشاهد البرغوثي من سجنه الجمود في المفاوضات السياسية، وعدم قيام إسرائيل بأي خطوة، واستبعادها مشكلتي إنهاء الاحتلال والسلام مع الفلسطينيين عن جدول الأعمال الإسرائيلي، من هنا دعوته أبناء شعبه إلى الانتفاض مجدداً. ويمكن القول إن البرغوثي هو من أكثر زعماء حركة "فتح" صدقية، وأكثرهم قدرة على قيادة شعبه نحو التسوية.

·       لقد قررت إسرائيل عدم إطلاق سراح البرغوثي في أي صفقة، ولا حتى كبادرة حسن نية، وهي في الوقت نفسه تتجاهل مشكلة الاحتلال، كما لو أن عدم الحديث عن الاحتلال يجعله غير موجود. إن عملية دفن الرأس في الرمال ستؤدي إلى الانفجار. صحيح أن الاحتلال بات أقل صعوبة في الأعوام الأخيرة، والإرهاب توقف تقريباً، والتنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية يسير على ما يرام، والوضع الاقتصادي في المناطق يشهد تحسناً، إلاّ إن كل مَن يعتقد باستمرار هذا الوضع إلى ما لا نهاية يساهم من جديد في انفجار العنف.

يوصي البرغوثي شعبه باختيار طريق المقاومة السلمية. ولذا، من الأفضل أن تصغي إسرائيل هذه المرة إلى كلامه قبل فوات الأوان، وقبل أن تتفاجأ بنشوب انتفاضة ثالثة.