معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
- ذكر أكثر من تقرير أن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قال لوزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي السيدة كاترين أشتون إنه في حال توجه الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة بطريقة أحادية الجانب، فإن إسرائيل ستتنكر لكل الاتفاقات التي جرى توقيعها. في الواقع، ما زال اتفاق أوسلو، وبعد مرور عقدين على توقيعه، مصدر خلاف في وجهات النظر بشأن مدى فائدته بالنسبة إلى إسرائيل، ومدى أهميته في الفترة الحالية.
- يمكننا الإشارة إلى عدد من النقاط الإيجابية في اتفاق أوسلو من وجهة نظر إسرائيلية، وهي: أولاً، أتاح هذا الاتفاق لدولة إسرائيل التخلص من مسؤوليتها عن حياة الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين من سكان غزة ويهودا والسامرة من دون إلحاق الأذى بحرية حركة الجيش الإسرائيلي في هذه المناطق؛ ثانياً، ساهم هذا الاتفاق في زيادة الإجماع العام الداخلي في إسرائيل المؤيد للتسوية السياسية، وباتت صيغة "دولتين لشعبين" مقبولة من أغلبية الأحزاب التي تتشكل منها الخريطة الحزبية في إسرائيل؛ ثالثاً، أدى هذا الاتفاق إلى تعميق الخلافات داخل العالم العربي ووسط الحركة الوطنية الفلسطينية بشأن موضوع التسوية؛ رابعاً، ساعد هذا الاتفاق في تأسيس شبكة للتعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على الرغم من حالات الصعود والتراجع التي شهدها هذا التعاون؛ خامساً، أوجد هذا الاتفاق تفاهمات استراتيجية مهمة بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية.
- إلاّ إنه، وعلى الرغم من كل ذلك، وفي ظل جمود العملية السلمية، يمكننا أن نتساءل عن مدى مساهمة اتفاق أوسلو في تحقيق تسوية سلمية تستند إلى حل دولتين لشعبين؟ إذ من المعروف أن التوصل إلى هذا الاتفاق أتى بعد مفاوضات ثنائية تمت برعاية دولية. لكن منذ فترة من الوقت، ولا سيما في العامين الأخيرين برز توجه واضح إلى التخلي عن مسار أوسلو والتركيز على الخطوات الأحادية الجانب بدلاً من المفاوضات.
- علاوة على ذلك ثمة شكوك لدى الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في قدرة الطرف الثالث على الموافقة على الشروط الأساسية الدنيا لأي اتفاق بينهما. فالحكومة الإسرائيلية الحالية تعمل انطلاقاً من فكرة أن الطرف الفلسطيني غير مستعد للموافقة على الشروط الثلاثة الأساسية التي وضعها رئيس الحكومة الإسرائيلية، أي اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة للشعب اليهودي، والتعهد بإنهاء النزاع وعدم مطالبة إسرائيل بمطالب إضافية، والتخلي عن حق العودة.
- في المقابل، لا تعتقد السلطة الفلسطينية أن الحكومة الإسرائيلية الحالية مستعدة للقبول بشروطها للحل، أي الانسحاب إلى حدود 1967 مع تعديلات طفيفة، وتقسيم القدس، والاعتراف بحق العودة، والقبول بتطبيقه جزئياً، كذلك تتمسك السلطة بمطلب تجميد البناء في المستوطنات خلال فترة المفاوضات.
- على صعيد آخر، يبدو أن الطرف الثالث المعني بالاتفاق، أي الإدارة الأميركية، فقد أيضاً ثقته بمسار أوسلو، إذ باتت الإدارة الأميركية تحبذ الخطوات الأحادية الجانب التي تتخذها هي أو الرباعية الدولية استناداً إلى المبادىء التالية: القبول بأن تكون حدود الدولة الفلسطينية هي "خطوط 1967" مع تبادل للأراضي بين الطرفين، وأن يصار إلى تأجيل حل المسائل الأخرى مثل موضوع القدس واللاجئين إلى ما بعد الاتفاق على الحدود والترتيبات الأمنية.
- في الخلاصة، يبدو أن الأطراف الثلاثة المعنية باتفاق أوسلو، إسرائيل والفلسطينيين والولايات المتحدة، باتت مقتنعة بأن احتمالات استخدام مسار أوسلو، أي إجراء مفاوضات ثنائية بين الطرفين برعاية أميركية، قد تبددت. وبات شبه مؤكد في ظل الأوضاع الراهنة أن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني سيعتمدان أسلوب الخطوات الأحادية الجانب، مع إبداء دعمهما الشفهي لاتفاق أوسلو، لكن وفقاً للشروط الأساسية التي وضعها كل طرف.
في ظل هذه الأوضاع يقع العبء الأكبر على عاتق الإدارة الأميركية التي ستضطر مع مرور الوقت إلى تحديد طبيعة تدخلها في عملية التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية. وإذا ما افترضنا أن إطار أوسلو لم يعد يشكل سبيلاً للتوصل إلى حل دائم، وأن الخيار الوحيد للتوصل إلى ذلك هو أسلوب الخطوات الأحادية الجانب، فإن الإدارة الأميركية ستجد نفسها في مواجهة سؤالين أساسيين، هما:
- أولاً: هل تؤجل تدخلها في عملية التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية إلى حين إيجاد حل ما للتهديد الإيراني، وحتى تنجلي العاصفة التي تهب على العالم العربي حالياً وتتضح الصورة التي ستترتب على "الربيع العربي"؟
- ثانياً: هل سيؤدي اقتراب موعد المعركة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة، وموقف الكونغرس المؤيد لإسرائيل الذي ظهر خلال زيارة نتنياهو لواشنطن، إلى فرض قيود على الرئيس الأميركي وعدم السماح له باستخدام كل نفوذه من أجل تحقيق رؤيته للحل كما أعلنها في 19 أيار/ مايو 2011؟
- إن الانطباع السائد اليوم هو أن الرئيس أوباما مضطر إلى الحد من تدخله في عملية التسوية حتى تتضح صورة الوضع الداخلي الأميركي، لكن الحسم في هذه المسألة الاستراتيجية يعود في نهاية الأمر إلى الرئيس الأميركي وحده، وقد أثبت أوباما أكثر من مرة قدرته على اتخاذ قرارت غير متوقعة تتعارض مع التقديرات السائدة.