صادقت الحكومة الإسرائيلية في الاجتماع الأسبوعي الذي عقدته أمس (الأحد) على خط الحدود البحرية الاقتصادية لدولة إسرائيل مع لبنان في البحر الأبيض المتوسط، وذلك وفقاً لاتفاق في هذا الشأن سبق أن وقعته إسرائيل مع الحكومة القبرصية، وتبيّن أن خط هذه الحدود يشمل منطقة يُعتقد أن حقولاً للنفط والغاز الطبيعي موجودة فيها ويقدّر مخزونها بمليارات الدولارات.
وتمت المصادقة على هذا الخط بناء على اقتراح قدمه كل من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير البنى التحتية عوزي لانداو، ووزير الداخلية إيلي يشاي.
وجاء القرار الإسرائيلي مخالفاً للموقف اللبناني الذي تم تقديمه إلى الأمم المتحدة، وأكد أن الخط الذي اعتمدته إسرائيل يتوغل في داخل المياه الإقليمية اللبنانية.
ونفى الوزير ليبرمان، في مقابلة أدلى بها أمس (الأحد) إلى الإذاعة الإسرائيلية العامة، ما ورد في تقرير صحافي نشرته صحيفة "هآرتس" في اليوم نفسه يفيد بأن الولايات المتحدة تتبنى الموقف اللبناني. واعتبر ليبرمان أن هذا التقرير "لا يمت إلى الواقع بأي صلة"، مؤكداً أن موقف إسرائيل المستند إلى الخرائط قوي للغاية، لذا فإنها لن تتنازل عن أي شبر من خط حدودها البحرية الاقتصادية مع لبنان.
وادعى الوزير لانداو من ناحيته أن "اللبنانيين يحاولون تقويض أي شيء نفعله"، مؤكداً أنه "إذا كانت لديهم شكاوى لكن لديهم في المقابل رغبة حقيقية في التعايش والجيرة الحسنة فإن أول ما يتعين عليهم فعله هو القيام بإجراءات تقوم بها أي دولة حضارية، وفحواها تقصي الوقائع وإجراء مفاوضات معنا".
وأضاف أن "الحديث يدور على اتفاق عملت إسرائيل على إعداده بصورة مهنية وبالتعاون مع خبراء في القانون الدولي وخبراء من الحكومة القبرصية، ويؤكد خط الحدود البحرية الاقتصادية بيننا وبينهم المسار الحقيقي لهذه الحدود بصورة لا لبس فيها، وهذا هو موقفنا الذي يستند إلى القانون والمهنية والذي سنطرحه على الأمم المتحدة".
من جانبه قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن خط الحدود البحرية الاقتصادية هو الذي يحدّد منطقة الحقوق الاقتصادية لدولة إسرائيل بما في ذلك استغلال الموارد الطبيعية في البحر، وهذه المنطقة متاخمة لكل من لبنان وقبرص، وخط الحدود الذي طرحه لبنان في الأمم المتحدة يقع جنوبي الخط الإسرائيلي المقترح ويتعارض مع الخط الذي تم الاتفاق عليه بين إسرائيل وقبرص، كما أنه لا يتماشى مع الخط الذي اتفق عليه لبنان نفسه مع قبرص. وأضاف نتنياهو أن "هدفنا هو رسم الخط وفقاً لمبادئ القانون البحري الدولي".
وقال وزير شؤون البيئة الإسرائيلية غلعاد أردان إن "النتائج الاقتصادية المترتبة على تحديد خط الحدود البحرية الاقتصادية ستكون هائلة بما في ذلك كل ما يتعلق بالإشراف على التنقيب عن الغاز والنفط في قاع البحر والقدرة على منع كارثة بيئية".
وأشارت صحيفة "معاريف" (11/7/2011) إلى أن النائب الأول لرئيس الحكومة ووزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعلون اتهم خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية كلا من إيران وحزب الله بالوقوف وراء عملية "رسم خط جديد للحدود البحرية الاقتصادية اللبنانية إلى الجنوب من الخط الذي تم الاتفاق عليه بين الحكومتين اللبنانية والقبرصية سنة 2007"، وأن هذا الخط "يتوغل في المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية"، مشدداً على أنهما أقدما على ذلك لدى إعلان إسرائيل بدء أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط ظناً منهما "أنها لحظة مؤاتية لخوض صدام مع إسرائيل".
وذكرت صحيفة "هآرتس" (10/7/2011) أن الولايات المتحدة تؤيد الموقف اللبناني إزاء هذا النزاع الحدودي البحري الذي ينطوي على صراع يتعلق بحقول غاز طبيعي ذات مخزون يقدّر بمليارات الدولارات. وأضافت الصحيفة أن إسرائيل ستقدّم موقفها بشأن خط الحدود البحرية الاقتصادية مع لبنان إلى الأمم المتحدة في غضون الأيام القليلة المقبلة، وستدعي أن الاقتراح اللبناني الذي جرى تقديمه في هذا الشأن إلى الأمم المتحدة قبل عدة أشهر يضم مساحة بحرية كبيرة تابعة لإسرائيل، مشددة على أنه ستكون للقرار بشأن خط الحدود البحرية انعكاسات اقتصادية بسبب وجود موارد طبيعية كثيرة في المنطقة البحرية المتنازع عليها، فضلاً عن احتمال وجود مزيد من حقول الغاز الطبيعي.
وأشارت "هآرتس" إلى أن الخط الحدودي الذي يطرحه لبنان لا يضم حقلي غاز تقوم إسرائيل بأعمال تنقيب فيهما، لكن وزارة البنى التحتية الإسرائيلية تعتبر أن المياه الإقليمية التي يقول لبنان إنها تابعة له تشمل مخزوناً من النفط والغاز بقيمة مليارات الدولارات، لذا فإن هذه المنطقة تنطوي على مصلحة اقتصادية إسرائيلية.
وأضافت الصحيفة أن لبنان سلّم موقفه إلى الولايات المتحدة التي تبنته، وعينت الدبلوماسي فريد هوف، من فريق المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، لمعالجة الموضوع. وعلى الرغم من أن ميتشل قدّم استقالته إلاّ إن هوف ما زال يمارس مهمات منصبه في هذا الصدد، وقد زار لهذا الغرض كلاً من لبنان وإسرائيل في نيسان/ أبريل الفائت برفقة ريموند ميليفسكي، وهو خبير أميركي في شؤون الخرائط.
ونقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى في الإدارة الأميركية قوله إن الهدف الأساسي من مهمة هوف هو منع تحويل خط الحدود البحرية الاقتصادية بين إسرائيل ولبنان إلى بؤرة توتر أخرى بين الدولتين، ومنع حزب الله من تنفيذ عمليات ضد المواقع التي تقوم إسرائيل بالتنقيب عن الغاز فيها. فضلاً عن ذلك فإن لدى الولايات المتحدة مصلحة اقتصادية في هذه المنطقة نظراً لوجود شركات أميركية تشارك في أعمال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، لذا هي ترغب في منع أي توتر أمني بشأنها. ونسبت الصحيفة إلى هوف قوله خلال محادثات أجراها في إسرائيل إن "على إسرائيل أن تتعاون مع عملية رسم خط الحدود البحرية الاقتصادية لمنع نشوء مزارع شبعا أخرى تحت سطح البحر".
في المقابل نقلت الصحيفة عن مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن إسرائيل مررت تحذيراً إلى لبنان في هذا الشأن عبر الولايات المتحدة، وأن مسؤولين في الوزارة قالوا لهوف: "لن نسمح بحدوث أي استفزاز لبناني أو بإلحاق أي ضرر بمنشآت الغاز الإسرائيلية، وفي حال حدوث ذلك فإننا سنعتبره بمثابة هجوم على أرض إسرائيلية وسنرد بضراوة على دولة لبنان".