من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· على الرغم من كلام بنيامين نتنياهو في الأيام الماضية عن أن إسرائيل استعادت قدرتها على الردع في المواجهة الأخيرة في الجنوب، وإذا وضعنا جانباً القدرة النووية التي تملكها إسرائيل، بحسب ما تتناقله المصادر الأجنبية، فإن إسرائيل لا تملك اليوم، ولا مستقبلاً، القدرة على ردع أعدائها في حال هاجمت المفاعلات النووية في إيران. من هنا، وفي حال أقدمت إسرائيل على مهاجمة إيران، فإنها ستتعرض لضربات موجعة ستكبدها خسائر كبيرة تتعدى رقم الـ 500 قتيل الذي تحدث عنه وزير الدفاع إيهود باراك. هذا من دون الحديث عن التكلفة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي سندفعها في مقابل عملية كهذه، والتي لم يتطرق إليها أحد في الحكومة الإسرائيلية.
· وإذا قمنا بمراجعة تاريخية، يتبين لنا أنه منذ سنة 1973 لا وجود لما يسمى ردع إسرائيلي، وهذا يشمل أيضاً "الجولة" الأخيرة في قطاع غزة، بدليل استمرار إطلاق القذائف المدفعية والصواريخ من القطاع على إسرائيل. أمّا عدم إقدام سورية على الرد على قصف مفاعلها النووي سنة 2007، الذي يتباهى به القادة الإسرائيليون، فسببه الأوضاع السياسية والعسكرية السورية الداخلية لا الردع الإسرائيلي. وتجدر الإشارة إلى أن القدرات الإسرائيلية لم تمنع أيضاً نشوب الانتفاضتين [الأولى في سنة 1987، والثانية في سنة 2000] ومهاجمة حزب الله لإسرائيل بالصواريخ.
· أمّا فيما يتعلق بالفلسطينيين، فمن الواضح تماماً اليوم أن القدرات العسكرية الإسرائيلية لن تمنعهم من القيام بانتفاضة جديدة حينما "يبلغ السيل الزبى". كما أن المراوحة الإسرائيلية تجاه كل ما يتعلق بمسيرة السلام، وتصميم الفلسطينيين على منع ضم الضفة، سيجعلان إسرائيل غير قادرة على ردع الفلسطينيين في حال قرروا القيام بانتفاضة جديدة.
· وبالنسبة إلى حزب الله، وعلى الرغم من تصريحات حسن نصر الله "المهادنة"، فإنه من شبه المؤكد أن الحزب لن يتردد أيضاً، عندما يحين الوقت، في شن هجوم جديد على إسرائيل، ولا سيما إذا هاجمت هذه الأخيرة حليفته إيران.
· من المعلوم أن حزب الله والفلسطينيين في القطاع يملكان وسائل قتالية وقدرات مهمة يمكنها إلحاق ضرر كبير بنا، ولن يردعهم شيء عن القيام بذلك، لا أداء منظومة "القبة الحديدية" (التي لا تقترب نسبة نجاحها من مئة في المئة) ولا الضرر العظيم الذي سيصيبهم جراء ضربة إسرائيلية مضادة. ومنذ الآن تدرس المنظمات في غزة المواجهة الأخيرة كي تجعل استعمالها للأسلحة التي تملكها أكثر نجاعة، وكي تبني استراتيجيا تمكّنها من إلحاق أكبر قدر ممكن من الإصابات بإسرائيل.
· ومما لا شك فيه أن الإيرانيين ينوون التسلح جيداً من أجل مواجهة القدرة النووية الإسرائيلية، ومن أجل امتلاك قدرة على الردع، لا في مواجهة إسرائيل فحسب بل في مواجهة دول أخرى أيضاً داخل المنطقة وخارجها. لكن حتى لو امتلك الإيرانيون السلاح النووي فإنهم لن يستعملوه، مثلما لم تستعمله أي دولة تملكه، ما عدا الولايات المتحدة التي استخدمت القنبلة النووية خلال الحرب العالمية الثانية.
بناء على كل ما تقدم، يتعين على الساسة الإسرائيليين وعلى العسكريين الكبار أن يقدّروا جيداً الثمن الذي ستدفعه إسرائيل، وأن يمتنعوا من مهاجمة إيران على الرغم من إيمانهم الكبير بقدرة الردع الإسرائيلية.