· لقد حققت إسرائيل في الأعوام الماضية إنجازاً مهماً فيما يتعلق بالمشكلة النووية الإيرانية، إذ إنها استطاعت إدخال هذه المشكلة إلى صلب الاهتمام العالمي، وأقنعت حكومات أغلبية الدول في العالم بأن حصول النظام الإيراني المتشدد على السلاح النووي يشكل خطراً حقيقياً على الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى أمن العديد من الدول، ومن بينها إسرائيل، وهذا يستدعي بذل كل ما يمكن لوقف سعي إيران لامتلاك السلاح النووي.
· بيد أن التصريحات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة بشأن ضرورة توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية وضعت إسرائيل في موقف صعب ومؤذ، لأنها أظهرتها كما لو أنها تحاول دفع الإدارة الأميركية إلى العمل ضد مصالحها ورغماً عن إرادتها. وعلى الرغم من قول إسرائيل أنها هي المسؤولة عن الدفاع عن أمنها في حال استنتجت عدم وجود سبيل آخر لكبح إيران عن المضي نحو امتلاك السلاح النووي، إلاّ إن هناك في الإدارة الأميركية مَن يعتبر أن هدف الكلام الإسرائيلي على الخيار العسكري هو دفع هذه الإدارة إلى مهاجمة إيران نظراً إلى قدرتها على القيام بذلك. وحتى لو هاجمت إسرائيل وحدها إيران، فإن الإدارة الأميركية تتخوف من تورطها في المواجهة، لأن إيران سترد على الهجوم الإسرائيلي بمهاجمة أهداف أميركية أو بمهاجمة حلفاء الولايات المتحدة.
· وفي الحالتين، ستُتهم إسرائيل بالنتائج التي ستترتب على ذلك. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فمن اليوم، وقبل أن تُطلق رصاصة واحدة في اتجاه إيران، تتهم الإدارة الأميركية إسرائيل علناً وعلى لسان أوباما بأن كلامها على مهاجمة إيران تسبب بارتفاع أسعار النفط. ولا حاجة إلى الحديث عن الأهمية الفائقة لمشكلة ارتفاع أسعار النفط بالنسبة إلى حكومات العالم، كما أنها مشكلة قد تؤثر سلباً في انتخاب أوباما لولاية رئاسية ثانية.
· لذا، من المهم أن يخفف الزعماء الإسرائيليون من لهجتهم وتصريحاتهم العلنية بشأن العملية العسكرية ضد إيران من دون التخلي عنها من حيث المبدأ. فقد تحقق ما أرادته إسرائيل، وبات واضحاً اليوم لحكومات العالم كلها مدى خطورة التهديد النووي الإيراني، وجميع هذه الدول باتت تأخذ في اعتبارها احتمال أن تهاجم إسرائيل إيران في حال فشلت العقوبات، وهذا هو السبب الأساسي الذي من أجله فرضت على إيران عقوبات استثنائية في المجال المالي والنفطي. ويمكننا الافتراض أن الإيرانيين قد فهموا الرسالة، وباتوا مقتنعين بأن إسرائيل قد تهاجمهم.