الاعتبارات الاقتصادية – الاستراتيجية للهجوم على إيران
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

·       يطرح رئيس الحكومة وطاقمه السياسي موضوع الخيار العسكري ضد إيران على النقاش العام. وعلى الرغم من اقتناع الجميع بأن إسرائيل تمتلك القدرة العسكرية للقيام بذلك، فإن أغلبية الخبراء العسكريين تستبعد الخيار العسكري في هذه المرحلة. وأريد في هذا السياق لفت الانتباه إلى الاعتبارات الاقتصادية –  الاستراتيجية التي لدى زعماء أوروبا والولايات المتحدة، والتي لا نجد أثراً لها في النقاش العام الدائر في إسرائيل.

·       منذ سنة 2011، ارتفعت أسعار النفط نحو 20٪، ومن الأسباب الرئيسية لذلك النقص في كميات النفط الإيراني. إذ يبلغ سعر برميل النفط حالياً 107 دولارات، لكن أي هجوم عسكري على إيران سيؤدي إلى رفع السعر إلى 200 دولار.

·       تعاني أوروبا حالياً من أزمة اقتصادية حادة، فقد تخطى معدل البطالة في إسبانيا واليونان نسبة 20٪، وتجاوز هذا المعدل نسبة 50٪ في أوساط الشباب، وبدأت تبرز الشكوك بشأن استمرار الاتحاد الأوروبي بشكله الحالي، فضلاً عن الأزمة التي تهدد مستقبل العملة الأوروبية اليورو، كما أن الولايات المتحدة تمر في حالة من الركود الاقتصادي. ونتيجة ذلك كله، سيؤدي الارتفاع الكبير في أسعار النفط إلى أزمة في الاقتصاد العالمي من النوع الذي شهدناه في الثلاثينيات من القرن العشرين.

·       ومما لا شك فيه أن التراجع الكبير في الاقتصاد وتزايد البطالة سيؤديان إلى غضب كبير في مختلف أنحاء العالم، وستتوجه أصابع الاتهام نحو إسرائيل والشعب اليهودي. من هنا، فإن القيام بعملية عسكرية إسرائيلية الآن هو خطأ استراتيجي سيزيد في عزلة إسرائيل في العالم، وسيعرض وجودنا في المستقبل للخطر. وقد آن الأوان للتوقف عن الكلام على مهاجمة إيران وإشاعة الرعب في العالم.

·       لقد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، وذلك عبر قطع علاقة  المصارف الإيرانية بعمليات السويفت الدولية، بحيث لم يعد في استطاعة إيران الحصول على تحويلات مالية إلكترونية في مقابل النفط الذي تصدره. ومن المعلوم أنه من دون التحويلات المصرفية الإلكترونية سيتقلص حجم الصفقات الإيرانية بصورة كبيرة.

·       بيد أنه لا بد من طرح السؤال التالي: هل من الممكن أن توقف هذه العقوبات الاقتصادية تقدم البرنامج النووي الإيراني؟ حتى الآن ليس هناك جواب واضح. هناك نماذج من التاريخ تدل على تأثير العقوبات، فعلى سبيل المثال لم تُحد العقوبات على كوبا نفعاً نتيجة دعم عدد كبير من دول العالم لها. وهناك مثل آخر مختلف هو إفريقيا الجنوبية حيث أدت العقوبات دوراً كبيراً في سقوط نظام الحكم العنصري هناك. والخلاصة هي أنه كي تكون العقوبات فعالة يجب أن تلتزم بها الدول الكبرى في العالم التزاماً كاملاً، وعندما لا يكون هناك التزام حقيقي، فثمة دائماً وسائل للالتفاف عليها.

·       أمّا فيما يتعلق بالعقوبات على إيران فيمكننا ملاحظة الالتزام الكامل بها من جانب الدول الأوروبية والولايات المتحدة، ويمكن القول إن العقوبات في المرحلة الحالية فعالة. كما يمكننا ملاحظة تردي الوضع الاقتصادي في إيران، وارتفاع معدلات البطالة وأسعار السلع، وقد بدأ ذلك ينعكس من خلال تزايد مشاعر الاستياء وسط الجمهور الإيراني.

·       بالاستناد إلى أرقام الوكالة الدولية للطاقة فإن صادرات النفط تؤمن لإيران نحو نصف مداخيل الحكومة، ومن المنتظر مع تشديد العقوبات أن تنخفض صادرات النفط الإيراني إلى ما دون 3 ملايين برميل في اليوم. ومن المتوقع أن يكون الحرس الثوري أكثر المتضررين من هذا الانخفاض، كذلك الأوساط المقربة من السلطة.

·       إن قوة دولة إسرائيل وقدراتها العسكرية واضحة تماماً للجميع. لكن علينا في هذه المرحلة أن نسمح للرئيس أوباما وللاتحاد الأوروبي بمواصلة مواجهة المشروع الإيراني بواسطة العقوبات الاقتصادية، وأن نلتزم الصمت.