على الحكومة أن تختار بين تطوير المنظومات الدفاعية وبين تطوير القدرة الهجومية للجيش الإسرائيلي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       انتهت الجولة الأخيرة من التصعيد في الجنوب بتحقيق فوز باهر لـ "القبة الحديدية" التي نجحت في اعتراض نحو 75٪ من الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل، وحالت دون وقوع خسائر، وسمحت للقيادة السياسية بإبداء المرونة المطلوبة بشأن حجم ونوع الرد الإسرائيلي على الردود الفلسطينية. كما شكلت "القبة الحديدية" إنجازاً كبيراً بالنسبة إلى الصناعة العسكرية، وإلى سلاح الجو الذي أظهر قدرة استيعاب عملانية سريعة.

·       لكن المطلوب اليوم هو استخلاص الدروس على المدى البعيد، فقد كانت المواجهة الأخيرة محدودة الحجم والمدة. صحيح أن الفصائل الفلسطينية فاجأتنا بقدرتها على إطلاق أكثر من 30 صاروخاً في اليوم، لكن هذا لا يقاس مقارنة بقدرة حركة "حماس" الصاروخية كماً ونوعاً، ولا بقدرات حزب الله في حال نشوب مواجهة على جبهتين في وقت واحد. لقد شكل وجود ثلاث أو أربع بطاريات صواريخ لـ "القبة الحديدية" رداً شاملاً في هذه المواجهة المحدودة، إلاّ إن هذا لا يكفي في حال وقوع أحداث أكثر اتساعاً وتعقيداً في المستقبل.

·       إن النجاحات التي حققتها "القبة الحديدية" وتضخيمها من جانب السياسيين وكبار المسؤولين العسكريين ووسائل الإعلام، خلق توقعات إشكالية. فعدم وقوع إصابات هو أمر غير واقعي في السيناريوهات التي قد تحدث مستقبلاً، وما حدث اليوم هو أن الجمهور بات يتوقع أن يحظى بدفاع مشابه للذي حدث في المواجهة الأخيرة في حال وقوع هجوم جديد عليه. ومن أجل تلبية هذه التطلعات لا بد من تخصيص موارد مالية ضخمة في المستقبل المنظور من أجل التزود بمنظومات دفاعية فعالة وفقاً للعقيدة العسكرية الدفاعية المتعددة المستويات والتي تتضمن: منظومة صواريخ "حيتس" لمواجهة الصواريخ البعيدة المدى؛ منظومة "العصا السحرية" لمواجهة مخاطر الصواريخ المتوسطة المدى (التي من المفترض أن تصبح قيد الاستخدام في الجيش الإسرائيلي سنة 2013)؛ "القبة الحديدية" لمواجهة الصواريخ القصيرة المدى.

·       وعلى الرغم من أن هدف "القبة الحديدية" هو الدفاع عن المدنيين، إلاّ إنه يمكن استخدامها أيضاً للدفاع عن المنشآت المدنية الحيوية، وعن القواعد العسكرية، ولا سيما لدى تعرض الجبهة الخلفية للهجوم. لذا ثمة حاجة إلى الحصول على عشرات من هذه البطاريات، وإلى تخصيص الأموال لصناعة وتطوير المنظومتين الباقيتين ["حيتس" و"العصا السحرية"].

·       إن تخصيص هذه الأموال الكبيرة يتطلب تغييراً في العقيدة الأمنية التقليدية، وتحويل الموارد المخصصة للمجال الهجومي إلى المجال الدفاعي. ومن الصعب أن توافق القيادة في الجيش الإسرائيلي على مثل هذا التغيير، إذ ما زالت هذه القيادة تعتقد أن القدرات الهجومية وإحباط قدرة العدو على إطلاق الصواريخ والاحتلال السريع لأرضه ونقل المعركة إليها، هو الذي يشكل الأساس للدفاع عن الجبهة المدنية في إسرائيل.

·       في مرحلة ما بعد حركة الاحتجاج الاجتماعي في إسرائيل، على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ قرار مبدئي بشأن أهمية تطوير المنظومات الدفاعية الفعالة، وعلى حساب مَن سيجري تخصيص الميزانيات المطلوبة لذلك: فهل ستكون على حساب التقديمات الاجتماعية أم على حساب تطوير القدرة الهجومية للجيش؟