الجدل بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن استخدام الأسد السلاح الكيميائي كشف الخلاف بينهما بشأن المشروع النووي الإيراني
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       تدل السرعة التي ردّ فيها وزير الخارجية الأميركي جون كيري على كلام رئيس شعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية بشأن استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي، على تخوّف الإدارة الأميركية من ألاّ تكتفِي إسرائيل بإحراج الرئيس أوباما في الموضوع الكيميائي، بل أن تواصل تحديها لمواقفه بشأن الموضوع النووي الإيراني.

·       من المعلوم، أن الإدارة الأميركية سبق أن أعلنت أنها تعتبر استخدام الأسد السلاح الكيميائي تجاوزاً للخط الأحمر الذي وضعته، وأن من شأن هذا الأمر أن يؤدي إلى تدخّل أميركي في الحرب الأهلية الدائرة في سورية. ومن هنا، شكلت تصريحات العميد إيتي برون بشأن استخدام الأسد السلاح الكيميائي تحدياً إسرائيلياً واضحاً للرئيس الأميركي الذي سبق أن صرّح أن الولايات المتحدة ستتحرك ضد الأسد إذا ما تجاوز الخط الأحمر الذي وضعه. وها هم الإسرائيليون يقدمون الدليل على أن الأسد تخطى الخط الأحمر، فكيف سيتصرف الرئيس أوباما حيال ذلك؟

·       تدرك واشنطن جيداً أن إسرائيل تتحدى إدارة أوباما عملياً، وأن الطريقة التي ستتصرف بها هذه الإدارة حيال هذه المسألة ستدل على مدى إصرارها على الوفاء بالتزاماتها حيال المشروع النووي الإيراني. لقد كان في إمكان إسرائيل الاكتفاء بنقل المعلومات إلى الولايات المتحدة بشأن استخدام السلاح الكيميائي في المحادثات السرية التي أجراها وزير الدفاع تشاك هيغل في إسرائيل، إلاّ إنها اختارت ضابطاً رفيع المستوى في الاستخبارات كي يقول ذلك بصوت مرتفع، ولا أحد في الإدارة الأميركية يصدق أن العميد برون كان يعبّر عن آرائه الشخصية.

·       من هنا، فإن الرسالة واضحة، وهي أن إسرائيل تتابع عن كثب التحركات الأميركية في سورية بعدما خرق النظام السوري الخط الأحمر. فإذا امتنعت الولايات المتحدة من القيام بأي تحرك، فإنه سيكون من الصعب على إسرائيل أن تصدق أن الولايات المتحدة ستفي بوعودها، وستمنع إيران من الحصول على السلاح النووي. وممّا لا شك فيه أن القيام بعملية في سورية أسهل وأقل تعقيداً بكثير من وقف تطوير القنبلة الإيرانية.

·       لم تكشف تصريحات رئيس شعبة الأبحاث عن الخلافات في الرأي بين إسرائيل والولايات المتحدة حيال مسألة السلاح الكيميائي السوري فحسب، بل أظهرت أيضاً الرغبة الإسرائيلية في تسريع اتخاذ القرار الأميركي بالنسبة إلى موضوع إيران. لقد كان غاز السارين هو  ما جرى ذكره، لكن ما كان المقصود التلميح إليه هو اليوارنيوم المخصب في إيران. وما يلمّح به الإسرائيليون إلى الأميركيين هو أن الزمن يضغط، ونحن لا نستطيع الاعتماد عليكم في هذه المسألة الحساسة بالنسبة إلى وجودنا. وهم يريدون أن يقولوا لهم: إذا تبيّن لنا أنكم غير مستعدين للتحرك في مواجهة سورية، فإنه لا مفر لنا من أن نقوم بعملية عسكرية ضد إيران بمفردنا.

·       وقد عبّر الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، عاموس يادلين، عن ذلك بوضوح عندما قال إن الإيرانيين تجاوزوا الخط الأحمر الذي وضعه لهم نتنياهو في الأمم المتحدة، وغمز من قناة المجتمع الدولي عامة، والولايات المتحدة خاصة، عندما قال: "يبدو أن العالم مهتم بمنع إسرائيل من مهاجمة إيران، أكثر من منع إيران من التحول إلى دولة نووية." صحيح أن يادلين هو ضابط سابق ولا يمثل موقف إسرائيل الرسمي، لكن واشنطن ستعتبر كلامه جدلاً إسرائيلياً يهدف إلى تحدي أوباما.

 

·       لقد سارع وزير الخارجية الأميركي إلى التوضيح أنه تحدث مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، وأن هذا الأخير لم يؤكد ما قاله الضابط الإسرائيلي، لكن يبدو أن هذا الضابط أخرج المارد من القمقم، وكشف الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حيال الموضوع الإيراني.

 

المزيد ضمن العدد 1646