· لم تجد الولايات المتحدة نفسها فقط محرجة بالكلام الذي قاله رئيس شعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية [العميد برون] بشأن استخدام الجيش السوري السلاح الكيميائي ضد الثوار، وإنما كانت إسرائيل كذلك أيضاً. فالاختلافات العلنية في الرأي مع الإدارة الأميركية في هذا الشأن وضعت إسرائيل في موقف غير مريح لم تكن مهيأة له، وخصوصاً في ظل فترة الازدهار الاستراتيجي في العلاقات بين الدولتين.
· يجب النظر إلى الكلام الذي قاله العميد برون بطريقتين: الأولى ظاهرياً، والثانية في العمق. فظاهرياً ارتكب العميد برون رئيس شعبة التخطيط خطأ فادحاً، إذ كان عليه أن يدرك، وهو الذي يعرف الأسرار كلها ويشارك في القرارات، أنه تجاوز الخط الأحمر، ودخل في حقل من الألغام. وما يزيد في خطورة الوضع أن المسؤولين عنه مثل رئيس الاستخبارات العسكرية (الموجود في الخارج)، ورئيس الأركان، ووزير الدفاع، ورئيس الحكومة، فوجئوا بكلامه. أمّا محاولات برون توضيح كلامه في المجالس المغلقة بالقول إنه يعكس رأياً شخصياً، فكانت أشبه بإطفاء حريق كبير بواسطة وسائل قليلة.
· لكن ثمة وجه آخر جوهري للأمور وهو أن الولايات المتحدة لا تنوي استخدام القوة العسكرية في المنطقة، وخطابها في هذا الشأن واضح: فهي تعلن أنها لن تقبل باستخدام السلاح الكيميائي في سورية، ولا بامتلاك إيران السلاح النووي، لكن ترجمة هذا الكلام إلى أفعال ضئيلة جداً.
· وفي الواقع فإن إدارة أوباما التي تقوم بالانسحاب من العراق، وما زالت تنزف في أفغانستان، لا تريد الانجرار إلى حرب جديدة، وهي من خلال التشكيك في المعلومات الاستخباراتية الأكيدة التي لدى حليفتها المقربة والموثوق بها، تريد البحث عن ذريعة كي تمتنع من القيام بأي عمل.