الربيع العربي والوضع في لبنان
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

المؤلف

 

  • في أعقاب "ثورة الأرز" في لبنان سنة 2005 التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري منه، رأى عدد من المحللين أن ما يحدث في هذا البلد الصغير هو عملية تغيير ديمقراطية، وأمل هؤلاء بأن تشكل التجربة اللبنانية نموذجاً تحتذي به دول المنطقة.
     
  • لكن في الوقت الذي بدأت فيه رياح التغيير تهب حاملة معها "الربيع العربي" إلى دول العالم العربي، يبدو أن لبنان يكافح في سبيل الدفاع عن استقراره الداخلي، ومن أجل بقاء إرث ثورة 2005، ولا سيما الآن مع تصاعد التوتر الداخلي في هذا البلد في أعقاب صدور القرار الاتهامي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان ضد أعضاء في حزب الله، الأمر الذي من شأنه أن يشعل نيران الفتنة المذهبية التي تعصف بلبنان.
     
  • بداية هذا المسار كان في مطلع حزيران/يونيو مع إعلان تأليف حكومة لبنانية جديدة بزعامة حزب الله وحلفائه السياسيين من معسكر 8 آذار/مارس، الأمر الذي يدل على أن المسار اللبناني من الآن فصاعداً لن يكون مختلفاً فقط عما كان عليه أيام ثورة الأرز، بل سيكون مختلفاً أيضاً عن التغيير الذي يحمله "الربيع العربي".
     
  • لقد اعتُبر تكليف نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة خطوة إيجابية لأنها جاءت لتملأ الفراغ الناشىء بعد سقوط حكومة سعد الحريري في كانون الثاني/يناير 2011، لكن اقتصار أعضاء الحكومة الجديدة على ممثلين من معسكر 8 آذار/مارس ومن المستقلين، وعدم إشراكها ممثلين عن 14 آذار/مارس، جعلها تبدو أكثر إشكالية، وذلك لأسباب عدة منها أن هذه الحكومة الجديدة ستعيد لبنان إلى الفترة التي سبقت "ثورة الأرز"، وستعزز من جديد التدخل السوري في السياسة الداخلية اللبنانية، كذلك سيؤثر التقارب اللبناني ـ السوري في السياسة الخارجية اللبنانية، وسينعكس سلباً على التعاون بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية. ومما لا شك فيه أن الطريقة التي ستتعامل بها الحكومة الجديدة مع القرار الاتهامي للمحكمة الدولية سيحدد مستقبل علاقة لبنان مع المجتمع الدولي.
     
  • ومن وجهة نظر إسرائيلية، من المبكر التنبؤ بنتائج التغييرات التي تشهدها الحياة السياسية الداخلية في لبنان لأن ذلك مرتبط إلى حد بعيد بالطريقة التي ستتصرف بها قوى 14 آذار/مارس على صعيد الحياة السياسة اللبنانية، وبتطورات الأزمة في سورية. كذلك ستشكل طريقة التعامل الحكومي مع المحكمة الدولية عنصراً حاسماً في تحديد مستقبل لبنان والقوى السياسية الأساسية الفاعلة فيه. لذا، فإن توجيه اتهام مقنع وقوي ضد حزب الله من شأنه أن يشكك في صدقية هذا الحزب، ويؤدي إلى تراجع شعبيته، وهو أمر مرحب به من جانب إسرائيل.
     
  • لكن إذا نجح حزب الله في التهرب من الاتهام الموجه إليه، وأجبر لبنان على وقف تعاونه مع المحكمة الدولية، فإن هذا سيؤدي إلى تعزيز قوته، وإلى القضاء بصورة كاملة على المعارضة السياسية في البلد. وفي الحالتين فإن هذا سيؤدي إلى تجدد الخلافات الداخلية وانهيار الاستقرار، الأمر الذي يشكل تهديداً لأمن دولة إسرائيل.
     
  • إن صعود حكومة لبنانية موالية لسورية يسيطر عليها حزب الله أمر مثير للقلق على المدى القصير، لكن هذا لن يدفع حزب الله إلى تغيير استراتيجيته بعيدة المدى، أو إلى افتعال مواجهة عسكرية مع إسرائيل، لأن هذا القرار مرتبط بأطراف عدة أغلبيتها من خارج حزب الله.