الدولة المتحضرة لا تتاجر برفات الأموات
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- كأنه لم يكن يكفينا التوتر المتصاعد بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بسبب اقتراب موعد التصويت في الأمم المتحدة على الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، والفشل في إعادة إحياء العملية التفاوضية، فإذا بالحكومة تضيف على الخلافات قضية نقل رفات 84 فلسطينياً إلى السطة الفلسطينية. وهكذا تحولت البادرة الحسنة بمناسبة شهر رمضان إلى مصدر جديد للاختلاف مع جيراننا، ومرة أخرى تغلبت الاعتبارات الشعبوية قصيرة المدى والرغبة البدائية في الانتقام على المصالح بعيدة المدى وعلى بوادر التسامح. وبهذه الطريقة انتهت محاولة ترميم ما تبقى من الثقة مع الشريك الوحيد لنا في حل النزاع الدموي إلى تعميق الخلاف بين الطرفين.
- مما لا شك فيه أن حركة "حماس" لن تضيع هذه الفرصة، وستهاجم السلطة الفلسطينية العاجزة عن الضغط على إسرائيل من أجل استرجاع بضعة جثامين، وذلك بعد مرور 18 عاماً على "عملية السلام" العقيمة. ويمكننا أن نضيف إلى ذلك أن مرور خمسة أعوام على اختطاف غلعاد شاليط ووجود مئات الأسرى الأحياء في السجون الإسرائيلية، لم يغيّرا موقف "حماس" في المفاوضات لإطلاق سراح الجندي المخطوف.
- نستطيع أن نتفهم ألم العائلات التي فقدت أبناءها على أيدي الفلسطينيين الذين دُفنت رفاتهم في إسرائيل عندما ستشاهد هذه العائلات الجنازات التي ستجري لهؤلاء بصفتهم أبطالاً، لكن على الرغم من هذا كله فقد آن الأوان كي تقرر إسرائيل عدم الاحتفاظ بجثامين الفلسطينيين، إذ لا منطق في ذلك ولا فائدة منه.
- إن الدولة المتحضرة لا تتاجر برفات الأموات حتى لو كانت رفات لمجرمين، ولا ينبغي لمجتمع يعطي أهمية خاصة لاحترام الموتى أن يتبنى قواعد اللعبة التي تلعبها التنظيمات الإرهابية مع رفات الأعداء.
- من المؤكد أن المواقف المتناقضة من هذه القضية هي دليل جديد على سوء التصرف والخلل في عملية اتخاذ القرارات داخل القيادة السياسية. ونأمل بأن يسارع رئيس الحكومة إلى وضع حد لهذه المهزلة عبر إعلان نقل رفات 84 فلسطينياً إلى السلطة الفلسطينية، كذلك عليه، بمناسبة العيد وكبادرة إنسانية، الإفراج عن المرضى المعتلقين المتقدمين في السن، مثلما كان يحدث في الماضي.