· لا حاجة لإسرائيل إلى إعلان انتصارها قبيل انتهاء الجولة الحالية من إطلاق النار في جنوب البلاد ووسطها، ولا مانع من إظهار المرونة ما دام الهدف الأساسي الحالي هو استئناف العمل بوقف إطلاق النار.
· إلاّ إن هذه المرونة لا يمكن تطبيقها لدى الحديث عن شروط إسرائيل الفعلية، فهناك مطلبان إسرائيليان يجب أن يكونا شرطين لأي تسوية، هما: وقف العمليات الإرهابية التي تنطلق من غزة وسيناء، ووقف إطلاق الصواريخ من غزة على البلدات الإسرائيلية المجاورة. إذ إن الرد الإسرائيلي المضبوط على إطلاق هذه الصواريخ هو الذي شجع الجهاد الإسلامي على مواصلة هذا الأمر. من هنا يجب وقف إطلاق صواريخ قسام على إسرائيل، حتى لو كانت تسقط في أراض مفتوحة ولا توقع إصابات.
· وفي ظل غياب تسوية سريعة، يستطيع الطرف الإسرائيلي أن يجري حسابات الربح والخسارة. ومما لا شك فيه أن القبة الحديدية منحت شعوراً كبيراً بالأمان للسكان، ومنعت وقوع كوارث، لكن، إلى جانب هذه الإنجازات، لا يمكن الاستخفاف بالأثمان الباهظة التي تكبدها قطاعا التعليم والاقتصاد.
· على الرغم من ذلك، لا يمكننا تقدير ثمن المواجهات في غزة بالخسائر المباشرة الناجمة عنها، وإنما بانعكساتها على الحياة السياسية. فمرور أربعة أيام من سقوط الصواريخ كان كافياً لتحويل الاهتمام عن المشكلة الإيرانية، واختفائها عن جدول الأعمال وعن عناوين الصحف ووسائل الإعلام المحلية والدولية.
· من ناحية أخرى، فإن الدفاع الناجع هو بمثابة مكسب مهم للطرف الذي يملكه، لكنه لا يكفي للتغلب على الخصم الذي ضاعف من حجم إطلاق صواريخه على إسرائيل، وهنا تبرز الحاجة إلى الهجوم الناجع. ونظراً إلى أن أي تصعيد يُقدم عليه الجانب الإسرائيلي يتطلب كثيراً من التروي والحذر، فإنه يتعين على القيادة العسكرية التحضير للانتقال السريع نحو مهاجمة "حماس" وتدفيعها والجهاد الإسلامي ثمناً مؤلماً.
لا جدوى من الانتظار غير المفيد، ففي ظل عدم وجود أوامر واضحة بوقف النار، في إمكان سلاح الجو تصعيد حجم هجماته الجوية. وبما أن حكومة "حماس" هي المسؤولة عما يجري في غزة، فإنه يتعين علينا إظهارها على أنها شريكة في الهجوم الصاروخي ضد إسرائيل، وتدفيع زعمائها ثمن هذه الهجمات.