· لا يجوز لإسرائيل أن تتدخل بأي شكل من الأشكال في حمام الدم الذي تشهده سورية، ولا حتى عن طريق تقديم مساعدات إنسانية. ولا بد من القول إن الصراع الدائر في سورية لا يخصنا مطلقاً، فضلاً عن أن المتمردين على النظام هناك ليسوا أصدقاء لإسرائيل ولن يكونوا أصدقاء لها في المستقبل.
· في الوقت نفسه فإنه حتى الدول العربية "الشقيقة" لسورية لا تخفّ إلى تقديم مساعدات إنسانية لها وإنما تنأى بنفسها عنها، فلماذا يتعين على إسرائيل أن تكون أول من يرسل مساعدات كهذه إليها؟ وهل قامت سورية بإرسال مساعدات إنسانية إلى إسرائيل عندما كانت في السابق عرضة لهجمات عسكرية، مثل هجوم الصواريخ الذي تعرضت له من جانب [الرئيس العراقي السابق] صدام حسين في سنة 1991؟
· من ناحية أخرى، لا بد من التذكير بأنه كانت لدينا في الماضي تجربة مريرة في مجال تقديم المساعدات إلى دولة مجاورة انتهت على نحو سيء للغاية. والمقصود قيام إسرائيل بتقديم مساعدات إنسانية وعسكرية إلى عدة جهات في لبنان ولا سيما المسيحيين الموارنة في إبان فترة "الحرب الأهلية"، وقد انتهى الأمر باحتلال الجيش الإسرائيلي منطقة جنوب لبنان، وخوض حرب دموية هناك استمرت 18 عاماً، لم نتمكن من التخلص منها إلا بصعوبة بالغة.
في واقع الأمر، فإن إسرائيل حظيت في العام الفائت وبفضل الثورات التي اندلعت في العالم العربي برصيد كبير، يتمثل فحواه الحقيقي في إثبات أن النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني أو الإسرائيلي - العربي لا يشكل عنصراً مركزياً في الشرق الأوسط، وأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة أو عدم إقامتها غير مهمين بالنسبة إلى رؤساء كل من سورية وإيران وتركيا، وأن العالم العربي يستغل استمرار النزاع مع إسرائيل كي يصرف أنظار الرأي العام لديه وفي العالم أجمع عن مشكلاته الحقيقية. وعلى إسرائيل أن تحافظ على هذا الرصيد، وأن تمتنع من أي تدخل في شؤون سورية الداخلية. في الوقت ذاته عليها أيضاً أن تدرس بعناية كبيرة تصريحاتها بشأن ما يحدث في هذا البلد، وأن يظل الجيش الإسرائيلي يراقب عن كثب تطورات الأوضاع فيه صباح مساء.