· بدءاً من اليوم، تنتقل مسألة معالجة "قانون طال" من رئاسة الحكومة إلى وزارة الدفاع. فنظرياً سيقوم الجيش الإسرائيلي من اليوم بتطبيق التجنيد الإلزامي بالقوة على آلاف الحريديم الذين يتهربون من الخدمة. ومعنى ذلك الانصراف عن الاهتمام بالمخاطر المتزايدة من سورية ولبنان وغزة ومصر وإيران، والتركيز على مطاردة تلامذة المدارس الدينية.
· فهل من المنطقي أن ينشغل الجيش الإسرائيلي بهذا الأمر في هذه الأيام العصيبة؟ ولنفترض أنه استطاع إلقاء القبض على جميع الذين يتهربون من الخدمة، فكيف ستواجه سلطات التجنيد والسجون العسكرية آلاف الأشخاص الذين ليسوا معدين لأن يصبحوا جنوداً؟
· إن الحديث عن "المساواة في تحمل العبء" لا يعني التركيز على الخدمة العسكرية، ذلك بأن تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي لن يحل مشكلة الغبن الاجتماعي، فلماذا إذاً نجعل منه أساس المشكلة؟ لقد آن الأوان كي ننظر بطريقة مختلفة إلى مشكلة الحريديم، وأن ندرك أن الخدمة الإلزامية ليست سوى جزء من المشكلة، وعنصر من رزمة كبيرة من عدم المساواة تتضمن التعليم الديني الخاص الذي لا يشتمل على التعليم الأساسي الذي يسمح بالاندماج في سوق العمل، والمنح الدراسية لكل من يريد التهرب من الخدمة ومواصلة تعليمه في اليشيفا [المدرسة الدينية]، فضلاً عن مخصصات وتسهيلات إسكانية للعائلات الكثيرة الأولاد. فكل هذه الأمور تشكل حافزاً لإبقاء الوضع على ما هو عليه، ناهيك عن أنها تجعل الحريديم تابعين بصورة كبيرة للجهاز الذي يعيلهم وأقل قدرة على الاستقلال عنه والاعتماد على أنفسهم لو أرادوا ذلك.
· إن وجود هذه الرزمة من التقديمات هو الذي يمنع القطاع الحريدي من المشاركة في العمل بصورة مساوية لسائر السكان، وهو الذي يؤدي إلى خسارة الدولة مليارات الشيكلات.
· مشكلتنا الحقيقية هي أننا، وبعد مرور 35 عاماً، تعودنا على الغبن، وتعودنا على التفكير في أن عدم المساواة في التجنيد هو المشكلة، في حين أنه لا يشكل، في الواقع، سوى جزء صغير من المشهد. فطريقة التفكير هذه هي التي جعلت البعض يعتقد أن انتهاء صلاحية العمل بـ "قانون طال" هي مشكلة الأجهزة الأمنية.
· ما دامت صلاحية العمل بـ "قانون طال" قد انتهت، فلماذا لا ينتهي العمل بتقديم المخصصات إلى العديد من تلامذة المدارس الدينية؟ ولماذا نحصر المشكلة بوزير الدفاع باراك وبرئيس الأركان غانتس، ولا نجعلها تطال أيضاً رؤساء المدارس الدينية؟
· يتطلب حل هذه المشكلة أن نبدأ في التفكير بطريقة مختلفة، وأن نكسر هذه الدائرة المفرغة، وأن ندرك أن المساواة في تحمل العبء يمكن أن يكون أمراً بسيطاً في حال كنا مهتمين فعلاً بتحقيقه.