· من الصعب تقدير الأهمية الكبيرة لاكتشاف الغاز الطبيعي والنفط الخام في حقول البحر الأبيض المتوسط الواقعة تحت سيطرة دولة إسرائيل، من دون العودة إلى الماضي. فمنذ قيام الدولة كانت لإسرائيل علاقة وطيدة بالنفط الخام، إذ لا يمكن تحريك عجلة الاقتصاد من دون الوقود كمصدر للطاقة، وقد رفضت الدول الغربية كلها أن تبعينا النفط الخام خوفاً من المقاطعة العربية.
· في بداية الثمانينيات كان هناك دولتان فقط تزودانا بالنفط الخام: المكسيك ومصر (التي وافقت على تزويدنا بالنفط في إثر الاتفاقات الموقتة التي وُقّعت بعد حرب يوم الغفران [حرب تشرين/ أكتوبر 1973]). وكنا قد بذلنا قبل ذلك كل ما في وسعنا للبحث عن النفط الخام والغاز الطبيعي داخل حدود إسرائيل، لكن لم يجر العثور على شيء مهم منذ اكتشاف حقل حيليتس في سنة 1952.
· إن الاكتشافات المهمة في الأعوام الأخيرة في مجالَي النفط والغاز، والتي بدأت الآن تنتج مع بدء تزوُّد شركة الكهرباء ومجموعة من الشركات الصناعية الكبيرة بالغاز الطبيعي من حقل تمار، إنما هي ثمرة مبادرة ومجازفة كبيرة من جانب المستثمرين في القطاع الخاص. ويمكن القول إن المساهمة الكبيرة في تعزيز الاقتصاد لم تأت من الدولة، وإنما نتيجة مبادرة هذه الشركات التي استطاعت أن تجمع الأموال الضخمة المطلوبة، وكذلك إشراك المستثمرين الأجانب.
· إن الغاز الطبيعي الإسرائيلي سيُحدث انطلاقة للاقتصاد الإسرائيلي، وسيؤدي فوراً إلى خفض تكلفة إنتاج الكهرباء، وتقليص التعرفة الكهربائية للقطاعَين المنزلي والصناعي. وستستفيد من ذلك مجموعة من الشركات الصناعية الكبيرة والمهمة جداً بالنسبة إلى الاقتصاد، إذ بدلاً من أن تستخدم هذه الشركات المازوت الغالي الثمن أو الفحم فإنها ستنتقل إلى مصدر جديد للطاقة قابل للتحويل ونظيف، الأمر الذي يساهم في الحفاظ على سلامة البيئة.
· وممّا لا شك فيه أن الغاز الطبيعي سيساعد على ارتفاع الدخل الفردي، وهو ما سيعزز صورة إسرائيل في العالم كدولة صغيرة تعرف كيف تطور اقتصاداً سليماً. وستدخل إلى خزينة الدولة في المستقبل القريب مداخيل جديدة تُقدّر بمليارات الدولارات، الأمر الذي سيسمح بتقليص العجز في الميزانية، ودعم الاستثمارات في البنى التحتية وفي تحسين الأحوال الاجتماعية وفي المواصلات، وسيتحسن الميزان التجاري ما بين التصدير والاستيراد.
· وفي المقابل هناك مَن يدعو إلى التروي وعدم السماح للشركات التي تقوم بأعمال التنقيب بتصدير الغاز إلى الخارج، وإلزامها تزويد المنشآت الصناعية في إسرائيل فقط بالطاقة. كما أن هناك مَن يتخوف من أن يؤدي تصدير الغاز إلى زيادة تدفّق العملة الأجنبية على إسرائيل، وارتفاع سعر الشيكل نتيجة لذلك، وهو ما قد ينتج منه ضعف قدرة الصناعة المحلية على التصدير والمنافسة.
· إن الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط هو ملك الشركات التي حصلت على رخصة للتنقيب عن الغاز واستخراجه، والتي عملت وفقاً للقانون. فقد أصبح هذا الغاز ملكهم الخاص، وذلك استناداً إلى الشروط والقيود التي فُرضت عليهم عندما منحتهم الدولة الرخص. صحيح أنه يجب الأخذ في الاعتبار حاجات السوق المحلية، لكن من غير الممكن قانونياً منع هذه الشركات من تصدير الغاز، إذ ما دامت هذه الشركات لا تُلحق ضرراً بالمصالح الأمنية والاستراتيجية للدولة، فإن من حقها الكامل تصدير الغاز وتحقيق الأرباح.