المستوطنات، في نظر نتنياهو، ليست هي العائق في وجه السلام، وإنما عدم الاستقرار والفوضى في الشرق الأوسط
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       يبدو بنيامين نتنياهو في رئاسته الثالثة للحكومة رجلاً وحيداً ومعزولاً. فهو يشعر بأن حكومته السابقة كانت ممتازة، ذلك بأنها، في الوقت الذي كان العالم يغلي، استطاعت أن تؤمّن الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، ولم يشهد عهدها حروباً ولا أزمات اقتصادية عميقة، كما أن هدوءاً لم نعرفه منذ عشرات الأعوام ساد الحدود، علاوة على أن المواجهة الذكية مع إيران دفعت الغرب إلى التحرك بصرامة ضدها.

·       لكن على الرغم من ذلك، فإن الجمهور الإسرائيلي لم يُقدّر حجم الإنجاز وأراد التغيير، وعاد نتنياهو إلى رئاسة الحكومة ضعيفاً ووحيداً. فهو في ولايته الثالثة يقف وحيداً من دون أن يجد إلى جانبه إيهود باراك، ولا أفيغدور ليبرمان، ولا بِني بيغن، أو دان مريدور.

·       العدو، في نظر نتنياهو، لم يتغير: إيران ما زالت تمثل خطراً وجودياً في سنة 2013، وهو يعتقد أن السياسة الهجومية التي انتهجتها الحكومة السابقة، والخطاب الذي ألقاه في الأمم المتحدة وحدد فيه الخطوط الحمر لإيران، هما اللذان ردعا الإيرانيين خلال العام الماضي. وكما أثبتت كوريا الشمالية، فإن العقوبات وحدها لا تستطيع أن تقوم بالمهمة، والتحدي المطروح اليوم ليس الكلام عن المحرقة الماضية، وإنما الحؤول دون وقوع محرقة جديدة. لكن من الصعب القيام بذلك عندما يكون المسؤولون في المؤسسة الأمنية يعوّلون بسذاجة على "المسيح المنتظر" الأميركي، وعندما يكون الخطاب السياسي - الإعلامي مفتقراً إلى الجدية. كما أنه من الصعب تحقيق ذلك، عندما يكون كل ما يقال داخل الغرف المغلقة يتسرب بسرعة إلى قنوات التواصل الاجتماعي. لكن على الرغم من ذلك فإن نتنياهو في ولايته الثالثة لن يستسلم، فخطر إيران في نظره لم يعد وراءنا، وإنما ما زال أمامنا.

·       يختلف جدول أعمال الزعيم الإسرائيلي عن جدول أعمال الجمهور الإسرائيلي. فالمشكلة، في نظره ليست اقتصادية، وإنما هي إيران والفوضى العربية والقضية الفلسطينية والحاجة إلى المحافظة على المعجزة الاقتصادية التي تحققت في العقد الأخير.

 

·       وإذا كان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قد حمل معه عملية سلام تشبه خطط كامب – ديفيد، كلينتون، أنابوليس، فإن رد نتنياهو الجديد سيكون مثل الرد القديم: ما نريده هو الأمن أولاً وثانياً وثالثاً. وهو يسأل: هل تريدون دولتين؟ حسناً، ولكن من فضلكم برهنوا على أن سابقة أوسلو لن تتكرر، والهجمات الانتحارية التي أعقبته، لن تتكرر، وأن سابقة الانسحاب من غزة وما أعقبها من صواريخ لن يحدثا مرة أُخرى، وأن المناطق التي ستُعطى في المستقبل للفلسطينيين لن تصبح قواعد لإطلاق الصواريخ. والراهن اليوم أن المستوطنات لم تعد هي التي تشكّل عقبة أمام السلام، وإنما عدم الاستقرار المطلق في العالم العربي، والذي هو العقبة في وجه السلام. فالشرق الأوسط المضطرب والإسلامي هو المشكلة الحقيقية التي ينوي نتنياهو مواجهتها وحده في الأعوام المقبلة.