· تواجه إسرائيل في ربيع 2012 تحديات داخلية وخارجية مرتبطة ببعضها البعض. صحيح أنني مكلف بمعالجة المخاطر الأمنية، لكن بوصفي عضواً في الكنيست ومواطناً يهمه ما يحدث في الدولة، أودُ أن ألفت النظر إلى التحدي الاجتماعي – السياسي العام الذي يواجههنا، وإلى تحدي ضرورة تغيير أسلوب الحكم بصورة خاصة.
· في الخطاب الذي ألقيته في الجلسة الختامية لمؤتمرهرتسليا الذي ركز هذا العام على معالجة موضوع الحصانة الوطنية، قررت أن أركز كلامي على الضرورة الملحة لتغيير أسلوب الحكم. وقلت: "إن تغيير أسلوب الحكم هو الشرط الضروري لقيام أي حكومة قادرة على تطبيق تغييرات جذرية تحقق العدالة الاجتماعية". كما قلت: "إن تحقيق المساواة لا بد أن يشمل تعزيز الوحدة الاجتماعية وقيام سلطة فاعلة تستند إلى رؤية بعيدة المدى تعكس رغبة الجمهور، سلطة مسؤولة وشفافة. وهذا غير متوفر في إطار الحكم الحالي حيث أن السلطة الفعلية ليست ملكاً للشعب وإنما هي ملك السياسة القطاعية ومجموعات الضغط، وخاضعة لأسلوب الانتخابات الذي رغم كل النوايا الحسنة أدى إلى إيجاد واقع فاسد".
· إن الحاجة إلى تغيير أسلوب الحكم لن يكون عبر إدخال تعديلات تقنية، لأن نظام الحكم القائم حالياً هو العلة الأساسية لكل الموضوعات التي ظهرت وُطرحت على جدول الأعمال العام في العام الفائت، وهو سبب موجة الاحتجاج الاجتماعي، والجدل بشأن ضرورة المساواة في تحمل عبء الخدمة العسكرية وخدمة الاحتياط. ولدي شعور يشاركني فيه عدد كبير من مواطني الدولة، أنه يجري التخلي عن المصلحة العامة من أجل إرضاء أفراد وقطاعات مهيمنة قادرة في ظل نظام الحكم الحالي على تعيين رئيس الحكومة و الاطاحة به.
· لن يحدث أي تغيير جذري طالما أن هوية رئيس الحكومة، بغض النظر عمن يكون، يحدد مدى حجم التقديمات التي يقدمها إلى شركائه الهامشيين الذين يوفرون له أغلبية تتجاوز 60 عضواً في الكنيست.
· كما لن يحدث تغيير جذري ما دامت هوية أعضاء الكنيست أنفسهم تتحدد وفقاً لحجم ولائهم للمجموعات المهيمنة، ومتعهدي أصوات الناخبين، واللجان المركزية للأحزاب، ومجموعات الضغط التي تملك الأموال والمتغلغلة داخل أجهزة الأحزاب الكبيرة.
· يتعين علينا النظر إلى الواقع بأعين مفتوحة: إن جهازنا السياسي مريض، وهو يزداد مرضاً يوماً بعد يوم كلما ازدادت التصدعات داخل المجتمع الإسرائيلي. إننا نتصرف مثل سيارة معطوبة تسير على الطريق ببطء من دون مكابح وعجلاتها الأمامية تارة تدفعها في اتجاه اليمين وطوراً في اتجاه اليسار...
· في ظل هذا الواقع، لماذا نشتكي من تدخل محكمة العدل العليا في موضوعات قانونية مطروحة على جدول الأعمال؟ في النقاش الذي أجرته محكمة العدل العليا وألغت خلاله العمل بقانون طال قال القاضي إلياكيم روبنشتاين: "إن وظيفة المحكمة في هذا الموضوع هو الرد على الحجج التي جعلت أعضاء في الأغلبية البرلمانية يملكون الحق في أن يقدموا على حسابهم تقديمات إلى مجموعات أقلية لا تنتمي إليهم، ولا يستطيع هؤلاء الأعضاء أيضاً الانضمام إليها للاستفادة من التقديمات التي قدموها لها".
· أعتقد أننا الآن أمام فرصة لم نعرف مثلها في تاريخ الدولة. فالأزمات العميقة التي تحيط بنا، والاحتجاج الاجتماعي والتطورات السياسية في العام الفائت، قد أوجدت فرصة ذهبية من أجل التعاون والعمل على تغيير أسلوب الحكم. وفي حال نجحنا في ذلك، فإننا لا نعالج فقط مظاهر المرض الذي نعانيه، وإنما نعالج أسبابه وجذوره أيضاً.
· ويتعين علينا أن نسعى من خلال أسلوب الحكم الجديد إلى جعل الانتخابات قادرة على تحديد من هو الفائز الذي حصل على تفويض من الشعب، مع مراعاة التوازن بين السلطات الثلاث [التشريعية والتنفيذية والقضائية]، وايلاء الاهتمام للواقع المتغير، ومن دون أن يكون رئيس الحكومة مضطراً للدفاع عن بقائه السياسي.