الحصار هو المشكلة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

  • استعدّت الحكومة الإسرائيلية هذا العام للتصدي لقافلة سفن المساعدات بطريقة منهجية ومختلفة عما جرى العام الفائت. وبدلاً من الاعتماد على استخدام القوة فقط، لجأت الحكومة هذه المرة إلى استخدام الجهود الدبلوماسية، واعتمدت على الدول الصديقة وفي طليعتها اليونان التي هبت إلى مساعدة إسرائيل وعرقلت انطلاق قافلة السفن من موانئها. وأثبت هذا التحرك السياسي وجود بدائل أخرى غير إرسال إسرائيل مقاتليها المسلحين لقمع حركة احتجاج مدنية.
     
  • بيد أن البراعة والابتكار اللذين أظهرهما بنيامين نتنياهو وحكومته يعكسان أيضاً حماقة سياستهما. فقبل ستة أعوام أخلت إسرائيل مستوطنيها وجنودها من غزة، وانسحبت إلى الخط الأخضر بهدف إنهاء احتلال هذا الشريط من الأرض المعروف بكثافته السكانية، وترك الفلسطينيين يديرون شؤونهم الحياتية بأنفسهم. لكن يبدو أن إسرائيل باتت مدمنة على الاحتلال، وعاجزة عن التخلص منه حتى بعد إعلانها الانفصال عن غزة. ويكفي أن نستمع إلى بيان المجلس الوزاري المصغر الذي أعلن أنه سيعمل كل ما في وسعه لوقف قافلة السفن، وإلى كلام وزير الدفاع أمس بشأن دفاع إسرائيل عن حدودها، كي ندرك أن الحكومة ما زالت تنظر إلى قطاع غزة بصفته جزءاً من إسرائيل، وهي تحرص على مراقبة كل مَن يدخل إلى القطاع ويخرج منه.
     
  • إن الحصار على غزة الذي جرى تخفيفه من دون رفعه في أعقاب ما حدث العام الفائت مع قافلة سفن المساعدات إلى غزة، هو أمر غير مقبول على المستوى الأخلاقي، وخطأ من الناحية السياسية. كذلك لم يؤد فرض قيود قاسية على مليون ونصف مليون فلسطيني وتقييد حركة التجارة إلى شيء، باستثناء المساهمة في استمرار النزاع وتأجيج الكراهية وجعل إسرائيل تظهر كدولة احتلال.

وتحاول الحكومة الإسرائيلية تبرير حصارها المتواصل لقطاع غزة بعداء "حماس" التي تسيطر على القطاع لإسرئيل، ورفضها الاعتراف بها، والقبول باتفاقات أوسلو، إذ تعتبر الحكومة أن الحصار البحري هو لمنع تهريب السلاح الثقيل إلى القطاع. إلاّ إن الضغط الاقتصادي لم يدفع "حماس" إلى الاعتدال في مواقفها، كذلك لن يغير منع المحتجين من الوصول إلى غزة الميزان العسكري. من هنا يجب مواجهة "حماس" بالطرق السياسية التي يمكن أن تدفعها إلى تغيير مواقفها، ويجب تركيز المساعي العسكرية على منع تهريب السلاح. لذا فإن منع قافلة سفن المساعدات من الوصول إلى غزة لن يستطيع إخفاء الفشل المطلق لسياسة الحصار الإسرائيلي على غزة.